التوافق النفسي الإجتماعي المدرسي للطفل وعلاقته بعمل الأم
مذكرة التوافق النفسي الاجتماعي المدرسي للطفل وعلاقته بعمل الأم
يُعَدُّ الأُسْرَةُ أولَ بيئةٍ اجتماعيةٍ يعيشُ فيها الطِّفْلُ، ومِنْها يكتسبُ أسلوبَ الحياةِ والحركةِ وكيانَهُ الذاتِيَّ، ويستمرُ محصورًا في إطارِ حدودِها قبلَ نضجِهِ.
يتأثرُ الطِّفْلُ بالبيئةِ التي ينشأُ فيها تأثرًا كبيرًا في نموِّهِ، فإن هي ساعدتهُ على إشباعِ حاجاتِهِ البيولوجيةِ والنفسيةِ، استقامَ سلوكُهُ في مختلفِ جوانبِهِ، أمَّا إذا حدثَ العكسُ فإنَّ شخصِيَّتَهُ تضطربُ ويصبحُ يصارعُ ويكابدُ العقدِ ومختلفَ الآلامِ السيكوسوماتيةِ.
إنَّ الطِّفْلَ الذي يلقَّى إشباعًا ورعايةً لشؤونِهِ يحسُّ بالطمأنينةِ في العالمِ الذي يحيطُ به، بحيثُ يراهُ مكانًا آمِنًا يعيشُ فيه، وليسَ مكانًا باردًا لا يهتمُّ به، أو مكانًا معتديًا أو مهدِّدًا لا بدَّ وأنْ يحمي نفسَهُ منه.
لقد ظَهَرَتْ في السنواتِ الأخيرةِ من القرنِ الماضي وبدايةِ هذا القرنِ متغيراتٌ بيئيةٌ وأسريةٌ كانَ لها تأثيرٌ واضحٌ على واقعِنَا الاجتماعيِّ والاقتصاديِّ، وبالتالي فإنَّ هذه المتغيراتِ راحَتْ تؤثِّرُ بشدَّةٍ على حياةِ أطفالِنَا بشكلٍ أو بآخر.
تتطلب الظروف الحالية للحياة والتحديات الاقتصادية التي تواجه الأسر المعاصرة، أن يضطر بعض الأمهات للعمل خارج المنزل لمساعدة أزواجهن في تلبية احتياجات الأسرة. وبالتالي، يتلقى أطفال الأمهات العاملات اهتمامًا ورعايةً أقل من أقرانهم في الماضي، حيث كانت أمهاتهم يعنين فقط برعاية الأطفال والمنزل.
تؤدي خروج المرأة للعمل إلى قضاء ساعات طويلة بعيدًا عن رعاية أطفالها، وتضيف إليها ضغوط العمل وتوترات تؤثر على حياة الأسرة وتلبية احتياجات الطفل وشعوره بالقبول والأمان. قد لا يكمن المشكلة في العمل الذي تقوم به الأم، بل في توفر الوقت الكافي للاهتمام بالأطفال واستراحة الأعصاب والجسم، مما يجعل الأم غير قادرة على رعاية الأطفال وتلبية احتياجاتهم.
اختيار المرأة لدورها في الحياة أصبح أمرًا معقدًا إلى حد كبير، نظرًا للضغوط التي تتعرض لها. فمن جهة، تخضع لضغوط التقاليد والطبيعة البيولوجية التي تدفعها للتفرغ للمهام المنزلية والأمومة، ومن جهة أخرى، تواجه فرصًا متاحة لها في مجال العمل والحصول على أجر. وتواجه المرأة عقبات في اتخاذ قرارها نتيجة لأربعة عوامل: الزواج، والمسؤوليات المنزلية، والإنجاب وتربية الأطفال، والحصول على وظيفة.
تلعب الأم دورًا حيويًا في نمو الطفل النفسي، حيث تعتبر نقطة انطلاقه وحجر الزاوية في تطوره. فهي تلبي احتياجاته وتلمس رغباته، وتعتبر الرعاية الأولى له. يؤكد علماء النفس على أهمية العلاقة المتبادلة بين الطفل وأمه.
قد يحدث غياب الأم عن ابنها بسبب العمل خارج المنزل، مما يحرم الطفل من رعايتها لفترات طويلة. يمكن أن يؤثر هذا الغياب على سلوك الطفل ويظهر في عدم التوافق، في حين يتكيف بعض الأطفال مع وضعية أمهاتهم العاملات ويظهرون توافقًا نفسيًا واجتماعيًا ودراسيًا. يعود ذلك إلى أسلوب الأم العاملة في التعامل مع أبنائها وتربيتهم، وتنظيم وقتها بين العمل والمسؤوليات تجاههم.
بناءً على هذا البحث، قررنا الكشف عن علاقة التوافق النفسي الاجتماعي المدرسي للطفل بعمل الأم، وتم تقسيم الدراسة إلى جانبين: جانب نظري وجانب ميداني.
يتضمن الجانب النظري الفصول التالية:
- الفصل الأول: يتناول الإشكالية والفرضيات وأهمية وأهداف البحث والدراسات السابقة.
- الفصل الثاني: يقدم تعريفًا للتوافق والعوامل المؤثرة فيه وأبعاده والنظريات المختلفة له، وأساليبه، ودور الأسرة والمدرسة والمجتمع في تحقيق التوافق النفسي للطفل.
- الفصل الثالث: يتعرض للطفولة وتعريفها ومكانتها في تاريخ الأمم والشعوب، وكذلك متطلباتها.
- الفصل الرابع: يستعرض نظريات النمو ومبادئه ومراحله في مرحلة الطفولة، وأبرز مظاهره.
- الفصل الخامس: يتناول دور المرأة والعمل، ويتضمن مكانة المرأة في الأديان السماوية وخروجها للعمل في العالم والعالم الثالث والعالم العربي وفي الجزائر، ويعرض أيضًا تطور وضع المرأة وأثر خروجها للعمل على الأسرة ونفسها وأطفالها، وكذلك مشكلات المرأة العاملة.
ويتضمن الجانب الميداني الفصول التالية:
- الفصل السادس: يتناول منهجية البحث ويقدم الدراسة الاستطلاعية ومنهج الدراسة والمجال الزمني والمكاني للدراسة، وعينة البحث، وأدوات جمع البيانات، وكذلك الأدوات الإحصائية المستخدمة.
- الفصل السابع: يتم فيه عرض النتائج ومناقش
تها.
يمكنك تحميل وقراءة المذكرة عن طريق الرابط التالي: