علم نفس العنف السياسي: رؤى من الدراسات الحديثة
بين علم النفس والعنف السياسي: نظرة على دوافع العنف في عالمنا العربي
يشهد عالمنا العربي، كغيره من بقاع العالم، تصاعدًا مقلقًا في حدة التوترات السياسية، ما يجعل من دراسة العنف السياسي ضرورة ملحة لفهم دوافعه النفسية والاجتماعية. ولعلّ حادثة الاغتيال التي استهدفت[[ذكر شخصية سياسية عربية بارزة تعرضت لمحاولة اغتيال]في[[تاريخ الحادثة]خير دليل على خطورة هذا الموضوع.
ولفهم هذه الظاهرة المعقدة، نستعرض سويًا أبرز ما توصلت إليه الدراسات الحديثة حول العوامل النفسية التي تدفع الأفراد والجماعات إلى تبني العنف السياسي كوسيلة للتعبير أو التغيير.
“أنا الضحية”: هل شعورنا بالظلم يبرر العنف؟
أظهرت دراسة حديثة نشرت في مجلة “علم نفس العنف” وجود علاقة وثيقة بين شعور الفرد بأنه ضحية ودعمه للعنف السياسي. فالأشخاص الذين يعتقدون أنهم ضحايا لظلم أو تمييز أكثر عرضة لتبرير العنف السياسي، خاصةً إذا كانوا يبحثون عن معنى أو هدف لحياتهم.
التحزب السياسي: عدسة مشوهة للحكم على العنف؟
كشفت دراسة أخرى نشرت في مجلة “أبحاث السياسة الأمريكية” أن الانتماءات السياسية تؤثر بشكل كبير على نظرتنا للعنف السياسي. فقد وجد الباحثون أن الأفراد يميلون إلى التسامح مع العنف الصادر من جماعاتهم السياسية، بينما يدينون العنف الصادر من جماعات معارضة، مما يعمق الانقسامات الاجتماعية ويؤجج الصراعات.
هل سهولة الوصول إلى السلاح تُغذي العنف السياسي؟
أشارت دراسة نشرت في مجلة “شبكة JAMA المفتوحة” إلى وجود علاقة بين انتشار الأسلحة النارية وارتفاع معدلات العنف السياسي. فالأشخاص الذين يمتلكون أسلحة نارية، خاصةً الأسلحة الهجومية، هم أكثر ميلاً لتأييد العنف السياسي أو المشاركة فيه.
بين البحث عن حلول وبناء مستقبل آمن
لا شك أن فهم العوامل النفسية الكامنة وراء العنف السياسي هو خطوة أولى نحو التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة. فمن خلال تعزيز الحوار ونشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي، يمكننا بناء مجتمعات تُعلي من قيمة الحياة وتنبذ العنف بكافة أشكاله.
هل يُنذر انتشار السلاح بالعنف السياسي؟
في ظل تصاعد حدة الخطاب السياسي عالمياً، يتجدد النقاش حول العلاقة بين انتشار الأسلحة النارية وخطر العنف السياسي. فهل يُغذي امتلاك السلاح نزعة التطرف واللجوء للقوة لحل الخلافات السياسية؟
أظهرت دراسة حديثة نُشرت في مجلة “الشخصية والاختلافات الفردية” وجود علاقة بين السمات المعادية للمجتمع ودعم العنف الجماعي. حيث أشارت نتائج الدراسة، التي شملت 877 مشاركًا من بولندا، إلى أن الأفراد الذين يظهرون سمات مثل قلة التعاطف، والقسوة، وضعف التحكم في الانفعالات هم أكثر ميلاً لدعم التطرف السياسي والأعمال العنيفة.
ولم يقتصر الأمر على الدراسات النظرية، فقد كشفت دراسة أخرى نُشرت في مجلة “بلوس ون” أن شريحة من الجمهوريين الأمريكيين، ممن يُعرفون باسم “جمهوريي ماغا” (MAGA Republicans)، أكثر ميلاً لتأييد العنف السياسي مقارنة بباقي الفئات السياسية. وتتميز هذه المجموعة، التي تُشكل حوالي 15% من البالغين في الولايات المتحدة، بمعتقدات مُتشددة حول العِرق والديمقراطية.
ولا يمكن إغفال دراسة نُشرت في مجلة “الأبحاث السياسية” سلطت الضوء على تنامي ظاهرة شراء الأسلحة النارية خلال جائحة كوفيد-19. حيث أظهرت الدراسة أن الأفراد الذين اشتروا أسلحة خلال تلك الفترة اتسموا بمستويات أعلى من عدم الثقة في الحكومة، والإيمان بنظريات المؤامرة، والمشاركة في الاحتجاجات، ودعم العنف السياسي.
ورغم هذه المؤشرات المُقلقة، تجدر الإشارة إلى أن أغلبية مالكي الأسلحة النارية يرفضون العنف السياسي بشكل قاطع. وهذا يُبرز أهمية تكثيف الجهود لنبذ العنف السياسي والتصدي للخطاب المُحرض عليه.
يبقى السؤال: هل يُمكن احتواء خطر العنف السياسي في ظل انتشار الأسلحة النارية؟
هل “الثالوث المظلم” هو مفتاح فهم العنف السياسي؟
في ظل تصاعد التوترات السياسية حول العالم، يزداد البحث عن العوامل النفسية والاجتماعية التي تدفع الأفراد نحو التطرف والعنف السياسي. أشارت دراسة حديثة نُشرت في مجلة “العلوم السلوكية للإرهاب والعدوان السياسي” إلى أن الأفراد الذين يجمعون بين الشعور بالحرمان وسمات شخصية “الثالوث المظلم” هم الأكثر عرضة لدعم العنف السياسي.
ما هو “الثالوث المظلم”؟
يشير مصطلح “الثالوث المظلم” إلى ثلاث سمات شخصية سلبية، وهي:
- النرجسية: التمركز حول الذات والشعور بالعظمة.
- الميكافيلية: التلاعب بالآخرين واستغلالهم لتحقيق المكاسب الشخصية.
- الاعتلال النفسي: قلة التعاطف والندم، والسلوك المتهور.
كيف يساهم ”الثالوث المظلم” في التطرف؟
أجريت الدراسة على مجموعتين من المشاركين الكرواتيين، الأولى ضمت طلابًا جامعيين والثانية ضمت عينة من عامة السكان. أظهرت نتائج الدراسة أن الأفراد الذين سجلوا درجات عالية في سمات “الثالوث المظلم” وأعربوا عن شعورهم بالحرمان كانوا أكثر ميلاً لدعم استخدام العنف ضد السياسيين، بما في ذلك التهديدات والتخريب والاعتداء الجسدي واستخدام الأسلحة النارية.
العلاقة بين الحرمان والعنف
يشير الشعور بالحرمان إلى اعتقاد الأفراد بأنهم محرومون من حقوقهم أو فرصهم بشكل غير عادل. عندما يجتمع هذا الشعور مع سمات “الثالوث المظلم”، يصبح الأفراد أكثر عرضة لرؤية العنف كوسيلة مشروعة لتحقيق أهدافهم أو التعبير عن غضبهم.
أهمية الدراسة
تكمن أهمية هذه الدراسة في تسليطها الضوء على العوامل النفسية والاجتماعية التي تساهم في التطرف السياسي. فهم هذه العوامل يساعد على تطوير استراتيجيات وقائية تحد من انتشار العنف والتطرف.
ملاحظة: تم إثراء هذا المقال بمعلومات من الدراسة المذكورة والتي يمكنكم الإطلاع عليها عبر الرابط التالي: https://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/19434472.2021.1930100