## هل يمكن أن يكون تغيير نظامك الغذائي هو مفتاح تحسين صحتك النفسية؟
في الآونة الأخيرة، قابلت شابًا يعاني من الاكتئاب وصعوبة في تحقيق الذات. وبينما كان يُفضفض لي بهمومه، كان يرتشف مشروبًا غازيًا مليئًا بالسكر. نعم، للسكر مذاقه اللذيذ وقد يمنح دفعة مؤقتة من الطاقة، لكنه يساهم أيضًا في الالتهاب داخل الجسم عن طريق إطلاق “السيتوكينات”، التي تضرّ بدورها بنمو الخلايا وتؤثر سلبًا على الصحة النفسية.
وقد أظهرت دراسات حديثة، بما في ذلك دراسة نشرتها مجلة الإيكونوميست في مايو الماضي، وجود علاقة وثيقة بين الاضطرابات المناعية الذاتية والأمراض العقلية مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، واضطراب طيف التوحد، والفصام.
الغريب أن الكثير من مرضى الاكتئاب أو القلق الذين أقابلهم يعانون أيضًا من سوء التغذية أو يتخذون خيارات غذائية غير صحية. على سبيل المثال، استقبلتُ مؤخرًا مريضين يعانيان من القلق والأرق. وبعد نقاش مطوّل حول مستويات الكافيين لديهم، قررا التوقف عن تناوله لمدة أسبوع. كانت النتيجة مذهلة! أحدهما شعر بتحسّن كبير وتخلّص من الأرق تمامًا، بينما شعر الآخر بانخفاض ملحوظ في مستوى القلق.
اللافت للنظر أنني لم أقابل مريضًا يعاني من صعوبات نفسية يتّبع نظامًا غذائيًا صحيًا ويمارس الرياضة بانتظام. يبدو أنهم لا يدركون تأثير ما تسميه عالمة الأعصاب ليزا فيلدمان باريت ”ميزانية الجسم”، والتي تشير إلى كيفية تنظيم أجسامنا للمواد الكيميائية والهرمونات، بما في ذلك تلك التي تؤثر على مشاعرنا وأفكارنا وسلوكياتنا.
وبينما نحن كمعالجين نركّز غالبًا على المشاعر، فإن “الإدراك الداخلي” يلعب دورًا أساسيًا في تشكيل هذه المشاعر. فالإشارات الصادرة من أعضائنا الداخلية، ومستويات الهرمونات في الدم، ونشاط الجهاز المناعي، كلها عوامل تساهم في توزيع الطاقة في الجسم وتؤثر على شعورنا.
ولكن ماذا لو كان ما نشعر به من جوع ليس سوى “جوع عاطفي” ناجم عن تناول كميات كبيرة من الكربوهيدرات المصنعة؟ وكما تقول باريت، ”أنت مهندس تجربتك”. فبإمكاننا إعادة برمجة أنفسنا من خلال تغيير سلوكياتنا ودفع أدمغتنا لتغيير طريقة تفكيرها.
وبدلاً من التركيز فقط على تغيير الأفكار والمشاعر، يمكننا البدء بتغيير سلوكياتنا من خلال التركيز على النوم واتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة. وقد أظهرت الدراسات أن اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات يمكن أن يؤدي إلى تحسينات كبيرة في المزاج لدى العديد من الأشخاص.
لذا، قد يكون تغيير نظامك الغذائي هو الخطوة الأولى نحو تحسين صحتك النفسية والعيش حياة أكثر سعادة واتزانًا.