اسرع وانتظر | علم النفس اليوم
فن التريث: رحلة نحو التعافي النفسي
المصدر: Adobe Stock
“الصبر مفتاح الفرج”، هكذا يردد الناس منذ القدم، فهل يا ترى يكمن السر في هذه الكلمة البسيطة لعلاج أوجاعنا النفسية؟
بعد سنوات قضيتها في مجال الصحة النفسية، صادفت خلالها العديد من التقنيات العلاجية، من العلاج السلوكي الجدلي إلى العلاج بالتنويم المغناطيسي، لاحظت تركيزًا كبيرًا على منح المريض “أدوات” للتعامل مع مشاكله. ورغم فعالية بعض هذه الأدوات على المدى القصير، إلا أنني بدأت أدرك أن الرغبة المُلحة في “إصلاح” كل شيء بسرعة قد تُغفل أهمية التريث كجزء أساسي من رحلة التعافي.
إن إغراق المريض بالتمارين والتقنيات قد يُوحي بعدم قدرته على التعامل مع مشاعره بشكل طبيعي، وقد يحرمه من فرصة الاستماع إلى ما يحاول ألمه الداخلي إخباره به. فكما قال الشاعر الشهير ريلكه: “لماذا تريد أن تستبعد من حياتك أي قلق أو بؤس أو اكتئاب، ما دمت لا تعرف في النهاية ما الذي تفعله هذه الظروف بداخلك؟”
لا أدعو هنا إلى الاستسلام لليأس، بل إلى تبني الصبر كأداة رئيسية في رحلة التعافي. فبدلاً من الهروب من الألم، علينا أن نواجهه بصبر وفهم، ونسمح لأنفسنا بـ “الشعور” به دون خوف أو إنكار. إن هذه المواجهة الشجاعة هي التي تمهد الطريق للشفاء الحقيقي والتغيير الداخلي العميق.
إن كلمة “صبر” في حد ذاتها تعني “التحمل” و “الثبات”، وهي صفات أساسية للتغلب على التحديات النفسية. فعندما نصبر على أنفسنا ونمنحها الوقت الكافي للشفاء، نكون قد بدأنا فعليًا في اتخاذ خطوات جادة نحو حياة أكثر صحة وسعادة.
وللتعامل مع فترات الانتظار بشكل أكثر إيجابية، يمكنك تجربة ما يلي:
- حوّل تركيزك من “الانتظار” إلى “المراقبة”: راقب أفكارك ومشاعرك دون إصدار أحكام، وتعلم من التجربة.
- مارس تمارين التنفس العميق: سيساعدك ذلك على الهدوء وتقليل التوتر والقلق.
- تذكر أن الوقت نسبي: فما يبدو دهرًا في أثناء المعاناة، قد يصبح مجرد لحظة عابرة في ذاكرتك.
- استثمر وقتك بشكل إيجابي: مارس هواياتك المفضلة، أو اقضِ وقتًا مع أحبائك، أو تعلم مهارات جديدة.
تذكر دائمًا أن الشفاء رحلة وليست وجهة، وأن الصبر هو البوصلة التي ترشدك إلى بر الأمان.