أنا عبارة عن كليشيه التقاعد، وأنا أحب ذلك!
أنا أعيش مرحلة التقاعد بكل تفاصيلها، وأحب ذلك!
في الخريف الماضي، تطوعتُ لتسجيل الطلاب الجدد في جامعتي. وجدتُ نفسي جالسةً مع مجموعة من الخريجين القدامى نتبادل ذكريات الأيام الخوالي. بدأتُ أهتمُ بحضور ندوات عن الصحة العقلية لكبار السن، وأشارك في فعاليات الخريجين، وانضممتُ لنادٍ اجتماعيّ محليّ. حتى أنني سجلتُ في رحلةٍ جماعيةٍ إلى لندن لحضور عروضٍ مسرحية! أحد الأصدقاء ذكرني بشراء سيارةٍ رياضية، ووجدتُ نفسي أتخيل مشاركتهم رحلةً إلى جبال الأطلس. أصبحتُ أردد عباراتٍ مثل “لا أبدو في عمر يسمح لي بأن أكونَ جدةً/مديرةً/أو حتى متقاعدةً!”. متى أصبحتُ هكذا؟
ربما أصبحتُ أجسّد الصورة النمطية التي لطالما ارتبطت في ذهني بالتقاعد. قررتُ أن أتعمق أكثر في الموضوع، واكتشفتُ أنني لم أصل لسن الشيخوخة بعد، وأنتم كذلك أعزائي القرّاء. إليكم السبب:
كبار السن أكثر سعادة: للأسف، لا يزال التمييز على أساس السنّ ظاهرةً منتشرةً في عالمنا العربيّ. كم مرّةً استخففنا بشخصٍ ما لمجرّد تقدمه في السنّ؟ الحقيقة أنّ دراسةً شملت 145 دولةً أكدت أنّ كبار السنّ أكثر سعادةً من الشباب. صحيحٌ أن مستوى السعادة ينخفض في منتصف العمر (ربما بسبب مسؤوليات تربية الأبناء وضغوطات الحياة)، لكنّه يعاود الارتفاع مع التقدم في السنّ. فقد تكون مرحلة ما بعد التقاعد من أسعد مراحل الحياة!
صحةٌ عقليةٌ أفضل: أظهرت دراساتٌ حديثةٌ أنّ كبار السنّ الذين لا يعانون من الخرف يشعرون برضاٍ أكبر عن حياتهم مع مرور السنين، كما تقلّ لديهم مستويات التوتر والقلق.
علاقاتٌ أقوى: مع التقدم في السنّ، تتوطد العلاقات مع الأبناء والأحفاد، وتصبح الأخوات أقرب من أيّ وقتٍ مضى. فهؤلاء هم من رافقونا في رحلتنا الطويلة، ويحبوننا كما نحن! كما يميل كبار السنّ إلى بناء صداقاتٍ جديدةٍ قويةٍ تساهم في تحسين صحتهم النفسية.
تغيير المعتقدات الخاطئة عن الشيخوخة: إذا كانت لديك نظرةٌ سلبيةٌ عن الشيخوخة، فأنت لست وحدك. يمكنك تغيير هذه الفكرة لدى نفسك ومحيطك من خلال:
- التحكم بمصادر المعلومات: إنّ قضاء وقتٍ طويلٍ أمام وسائل الإعلام التي تروج لصورةٍ سلبيةٍ عن الشيخوخة يؤثر على نظرتنا لها. لذا علينا أن نكون أكثر وعيًا بما نشاهده ونسمعه ونقرأه.
- مراقبة الأفكار السلبية: عندما تجد نفسك تفكر بشكلٍ سلبيٍّ عن الشيخوخة، ذكّر نفسك أنّها مرحلةٌ جميلةٌ ومليئةٌ بالحكمة والرضا.
- الاندماج مع مختلف الفئات العمرية: من المؤسف أنّ مجتمعاتنا أصبحت أكثر انعزالًا من ذي قبل. إنّ التواصل مع الأجيال الشابة يعود بالفائدة على الجميع. لذا احرص على مشاركة أنشطتك اليومية مع أشخاصٍ من مختلف الأعمار.
- اختيار العبارات المناسبة: للأسف، انتشرت في ثقافتنا بعض المصطلحات التي تحمل في طياتها نظرةً دونيةً لكبار السنّ. فلنحرص على استخدام عباراتٍ أكثر احترامًا مثل “كبير السنّ” أو “من تجاوزوا سنّ التقاعد”.
صحيحٌ أنّ الشيخوخة قد تترافق مع بعض المشاكل الصحية، لكنّها ليست قاعدةً عامة. فالشيخوخة هي رحلةٌ فرديةٌ تختلف من شخصٍ لآخر. وقد تكون هذه المرحلة الأكثر سعادةً ورضا في حياتنا. لقد استحققناها عن جدارة!