هل تعاني من القلق؟ قد يكون الاعتماد على حدسك أمرًا صعبًا
هل هو قلق أم حدس؟ هكذا تُفرّق بينهما
كم مرةً وجدت نفسك أمام قرارٍ صعب، تُرهقك موازين الإيجابيات والسلبيات، وتُضجّرك الاحتمالات، وتُشتّتك آراء الآخرين؟ ثم فجأة، وبينما أنت غارقٌ في أفكارك، تلوح لك الإجابة كالشعاع في ظلمة الحيرة.
لكن سرعان ما يعود القلق ليتسلل إلى نفسك، ويُشكّك في مصداقية هذا الحدس. هل كان حقاً صوت intution أم مجرد وهمٍ من نسج التوتر؟
يُصبح التمييز بين القلق والحدس أمراً شائكاً، خاصةً لمن يُعانون من فرط التفكير. فبين “قراءة الإشارات” و “اتباع الحدس”، يضيع البعض في متاهات التحليل المفرط.
تخيّل مثلاً أنك سمعت أغنيةً ذكّرتك بحبيبٍ قديم. هل تعتبرها “إشارة” للتواصل معه، أم مجرد صدفة عابرة؟
تزداد المشكلة تعقيداً عندما تُصبح نصيحة “ثق بحدسك” وصفةً سحرية لكل قرارٍ صعب. فكيف نُفرّق بين صوت الحدس وهمسات القلق؟
ثلاث علامات تُمكنك من التفريق:
1. لغة الجسد:
القلق له بصمة جسدية واضحة. فعندما ينشط نظام ”الكر أو الفر” في الدماغ، تظهر أعراض كـ تقلّص المعدة، ضيق التنفس، تسارع دقات القلب، و رعشة في الأطراف. أما الحدس، فلا يُصاحبه هذا الاضطراب الجسدي، بل قد نشعر معه بالهدوء والسكينة.
2. حالة الطوارئ:
القلق دائماً ما يُشعرنا بالإلحاح والخطر المحدق. فهو يدفعنا إلى اتخاذ قرارات اندفاعية هرباً من هذا الشعور، مما قد يُؤدي إلى نتائج عكسية. أما الحدس، فهو هادئ غير متسرّع، يمنحك شعوراً عميقاً باليقين دون إكراه أو ضغط.
3. دوافع الخوف:
غالباً ما تكون القرارات التي نُقررها بدافع الخوف نتاجاً للقلق. فنحن نُقدم على أفعال معينة للتخلص من هذا الشعور، مما يُرسّخ له على المدى الطويل. أما الحدس، فهو يُرشدنا نحو ما هو صحيح دون تهديد أو إرهاب.
ماذا بعد التفريق؟
بمجرد أن تتعرف على طبيعة مشاعرك، يُصبح بإمكانك اتخاذ الخطوة التالية بثقة. فإن كنت تشعر بالقلق، حاول أن تُركز على “ما هو كائن” بدلاً من “ماذا لو”. فبدلاً من الغرق في دوامة الاحتمالات، انخرط في الواقع الملموس من خلال حواسك الخمس.
و لتُصبح أكثر وعياً بمشاعرك، دوّن على ورقة حقائق الموقف من جهة، و المشاعر التي تنتابك من جهة أخرى. تذكر أن التعامل مع المواقف بموضوعية أفضل من اتباع العواطف بشكل أعمى.
أما إن كنت تُريد اتباع حدسك، فتعلّم كيف تستمع إليه بإدراك كامل لأفكارك ومشاعرك وأحاسيسك. استخدم هذه المعلومات كمؤشرات دالة، لا كأوامر ملزمة.
لا شك أن الأشخاص الذين يُعانون من القلق قادرون على تطوير حدسهم واستخدامه بشكل فعّال. فبمجرد أن تتعلم كيف تُفرّق بين القلق و الحدس، وتُصبح أكثر وعياً بمشاعرك، ستتمكن من اتخاذ قرارات أكثر حكمة واتزاناً.