## هل نحتاج إلى تحذيرات صحية على منصات التواصل الاجتماعي؟
أثار اقتراح جراح الولايات المتحدة، الدكتور فيفيك مورثي، بوضع ملصقات تحذيرية على منصات التواصل الاجتماعي جدلاً واسعاً. يرى الدكتور مورثي أن هذه الخطوة ضرورية لحماية الصحة العقلية للشباب، خاصة مع تزايد الأدلة التي تربط الاستخدام المفرط لهذه المنصات بمشاكل نفسية خطيرة.
ويستند الدكتور مورثي في دعوته إلى دراسة بحثية شاملة أجريت عام 2023، سلطت الضوء على المخاطر الصحية المتعددة للاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما على المراهقين. فقد أظهرت الدراسة وجود علاقة وثيقة بين الاستخدام المفرط لهذه المنصات وبين تزايد مخاطر الإصابة بالاكتئاب، والتوتر، والقلق، ومشاكل صورة الجسم، واضطرابات الأكل.
وتُعزى هذه المخاطر إلى عدة عوامل، منها المقارنة المستمرة مع الآخرين، والتعرض للمحتوى المثالي وغير الواقعي، والتنمر الإلكتروني.
أرقام صادمة تكشف حجم المشكلة
كشفت دراسة حديثة أجريت على أكثر من 6500 مراهق أن أولئك الذين يقضون أكثر من ثلاث ساعات يومياً على مواقع التواصل الاجتماعي يكونون أكثر عرضة للإصابة بمشاكل الصحة العقلية، مثل الاكتئاب والقلق.
والمثير للقلق أن متوسط الاستخدام اليومي لوسائل التواصل الاجتماعي بين المراهقين يبلغ حاليًا 4.8 ساعة، وهو ما يتجاوز الحد الآمن الذي حددته الدراسة.
كما أظهر استطلاع للرأي أجري عام 2022 أن نصف المراهقين الأمريكيين يشعرون بالسلبية تجاه أجسادهم بسبب ما يشاهدونه على مواقع التواصل الاجتماعي.
هل يُمكن اعتبار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي إدمانًا؟
لم يُصنف إدمان الإنترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي كاضطراب نفسي معترف به في الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض العقلية (DSM 5-TR)، ولكن تم إضافة حالة “اضطراب ألعاب الإنترنت” كمجال لبحوث مستقبلية.
ويرى الخبراء أن اضطراب ألعاب الإنترنت قد يشكل في المستقبل مظلة أوسع تشمل الإدمان على الإنترنت بشكل عام، بما في ذلك الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتتشابه أعراض إدمان مواقع التواصل الاجتماعي مع أعراض الإدمان على المخدرات والكحول، مثل فقدان السيطرة، والعواقب السلبية، والتعود، أعراض الانسحاب.
وقد أظهرت الدراسات أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى تحفيز مناطق معينة في الدماغ بشكل مفرط، خاصة مراكز المكافأة، وهو ما يفسر صعوبة التوقف عن استخدامها.
بين التحذيرات وحقوق التعبير
قوبل اقتراح وضع ملصقات تحذيرية على مواقع التواصل الاجتماعي بمعارضة شركات التكنولوجيا التي اعتبرته تعديًا على حرية التعبير.
وترى هذه الشركات أن الحكومة لا تملك الحق في إجبارها على وضع تحذيرات على منتجاتها، وأن ذلك يُعد انتهاكًا لحريتها في التعبير.
وعلى الرغم من أهمية حماية حرية التعبير، إلا أن صحة الشباب وسلامتهم تبقى أولوية قصوى.
ضرورة التوعية ووضع الضوابط
إن مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي على صحة الشباب العقلية لا يمكن تجاهلها، ومن الضروري اتخاذ إجراءات وقائية لحمايتهم.
وإلى جانب وضع ملصقات تحذيرية، يُمكن اتخاذ إجراءات أخرى، مثل:
- توعية الآباء والمعلمين بمخاطر مواقع التواصل الاجتماعي وطرق حماية الأطفال منها.
- تشجيع الشباب على ممارسة أنشطة بديلة بعيدًا عن العالم الافتراضي.
- وضع ضوابط على محتوى مواقع التواصل الاجتماعي لحماية الأطفال من المحتوى الضار.
إن حماية صحة الشباب العقلية تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف، بدءًا من الأسرة والمدرسة وصولًا إلى صناع القرار وشركات التكنولوجيا.
rnrn