التعامل مع آلية الدفاع في الإسقاط
عندما تصبح مرآة مشوهة: كيف تتعامل مع الإسقاط النفسي؟
الإسقاط: كأن تنظر في مرآة مشوهة تعكس صورة مغايرة تمامًا عن حقيقتك.
المصدر: Vitaly Gariev/Unsplash
تخيل معي هذا الموقف: شريك حياتكِ يعود إلى المنزل متأخرًا عن العمل بشكلٍ مُلفت، مُتجاهلاً اتصالاتكِ المتكررة. لاحظتِ سلوكًا غريبًا منه تجاه هاتفه، ثم يخبركِ جاركِ عن وجود امرأة غريبة في منزلكما أثناء غيابكِ. وعندما تُواجهين شريككِ بمخاوفكِ، ينقلب السحر على الساحر، ويتهمكِ أنتِ بالخيانة!
يُجادلكِ بأنكِ من يتأخر عن العمل، ويُشكك في نفقاتكِ، مُدعيًا أنكِ تُنفقين المال على “الشريك الآخر” الوهمي. يصل بهِ الأمر إلى حد اتهامكِ بالخيانة مع زميل عمل، ويطلب منكِ هاتفكِ “كإثبات” على براءتكِ.
تشعرين بالصدمة والحيرة، فكل ما يقولهُ عارٍ عن الصحة. أنتِ بريئة تمامًا، لكن إصرارهِ يجعلكِ تشكّين في نفسكِ. هل حقًا نسيتِ موعدًا هامًا؟ هل بدر منكِ تصرف خاطئ دون قصد؟
هنا، عزيزتي القارئة، أنتِ تتعرضين لظاهرة نفسية تُعرف بـ “الإسقاط”.
ما هو الإسقاط النفسي؟
الإسقاط النفسي هو آلية دفاعية يلجأ إليها البعض، بوعي أو بغير وعي، لنقل مشاعرهم أو أفكارهم أو سلوكياتهم السلبية إلى الآخرين. بدلاً من مواجهة حقيقتهم، يقومون بعكسها على من حولهم.
في مثالنا السابق، يقوم شريككِ بإسقاط خيانتهِ عليكِ، مُحاولاً بذلك التخفيف من شعورهِ بالذنب وتحويل تركيزكِ عن سلوكهِ المشبوه.
كيف يعمل الإسقاط؟
ينبع الإسقاط من الرغبة في تجنب المواجهة أو الشعور بالذنب. فعندما يجد الشخص صعوبة في تقبل جانب مظلم من شخصيته، يقوم بعكسه على الآخرين.
على سبيل المثال، قد يقوم شخص غاضب من فشلهِ في العمل باتهام زملائهِ بالغيرة والحقد، مُلقيًا باللوم عليهم في إخفاقهِ.
علامات تدل على أنكِ تتعرضين للإسقاط:
- التناقض: تُوجه إليكِ اتهامات لا تتناسب مع شخصيتكِ أو سلوككِ المُعتاد.
- الدفاعية المُبالغ فيها: عندما تُحاولين الدفاع عن نفسكِ، يُصبح الطرف الآخر أكثر عدوانية وإصرارًا على موقفهِ.
- تحويل اللوم: يتكرر لومكِ على أخطاء أو مشاعر لا علاقة لكِ بها.
- تغيير مسار الحديث: عندما تُحاولين مُناقشة الأمر، يقوم الطرف الآخر بتغيير الموضوع أو تحويل دفة الحديث إلى شيء آخر.
التأثير النفسي للإسقاط:
التعرض للإسقاط بشكلٍ مُستمر يُمكن أن يكون مُرهقًا نفسيًا وعاطفيًا. قد يُؤدي إلى:
- الشك في النفس.
- الشعور بالذنب والعار.
- تدهور العلاقات الشخصية.
- زيادة التوتر والقلق.
كيف تتعاملين مع الإسقاط؟
- الوعي: أول خطوة هي إدراك أنكِ تتعرضين للإسقاط. تذكري أن الأمر لا يتعلق بكِ، بل بصراع داخلي يعيشهُ الطرف الآخر.
- وضع الحدود: كوني حازمة في الرد على الاتهامات الباطلة. عبّري عن مشاعركِ بوضوح، ورفضي الانجرار وراء لعبة اللوم.
- التزمي بالحقائق: لا تدعي الطرف الآخر يُشكّك في ذاكرتكِ أو يُشوّه الحقائق. واصلي تكرار روايتكِ للأحداث بثقة.
- اطلبي الدعم: لا تترددي في طلب المساعدة من مُختص نفسي إذا شعرتِ أنكِ غير قادرة على التعامل مع الموقف بمفردكِ.
في الختام:
الإسقاط النفسي سلوكٌ سامٌ يُمكن أن يُلحق الضرر بالعلاقات ويُؤثر سلبًا على الصحة النفسية. من خلال الوعي بآلية عمل الإسقاط، ووضع الحدود الصحية، والدفاع عن نفسكِ بثقة، يُمكنكِ حماية نفسكِ من آثارهِ السلبية.