مقالات

اسباب التبول اللاإرادي و علاجه

التبول الللاارادي : مقدمة تعريف اسباب علاج ،خاتمة ، المراجع )

مقدمة عن اسباب التبول اللاإرادي

كثيرا ما نجد بعض الأطفال يعانون مع التبول اللاإرادي أثناء نومهم بالليل ( التبول الليلي ) في سن كان ينتظر منهم فيها أن يكونوا قد تعودوا ضبط جهازهم البولي والاستيقاظ لتفريغ ما جمع في مثانتهم من بول . وسن ضبط الجهاز البولي تختلف من طفل إلى آخر اختلافات كبيرة يرجع بعضها إلى حساسية الجهاز البولي ، و إلى المثانة و وسعها . وسن ضبط هذا الجهاز تقع بالتقريب في الثالثة من العمر ، ولو أن بعض الأطفال يضبطونه قبل سن الثانية بكثير .

وإذا استمر الطفل يتبول وهو نائم إلى ما بعد الرابعة ، على الآباء أن يفكروا جديا في الأمر . وفي بعض الحالات . ينجح الطفل في ضبط نفسه في سن مبكرة . ولكن لسبب عارض ، قد يحدث أن يتبول الطفل وهو نائم في سن متقدمة ، بعد أن يكون قد مر في سنوات عديدة دون أن يحدث منه ذلك .

وعلى هذا فعلى الآباء ألا يعيروا حادثة واحدة من حوادث التبول اللاإرادي من الاهتمام ما قد يثبتها في ذهن الطفل ، ويشعره بالذنب ، و بالنقص ، و بالذلة ، بسبب هذا الحادث المفرد .ولكن الذي يجب أن يولى بالاهتمام هو التبول المتكرر أثناء النوم بعد سن الرابعة أو الخامسة . وقد يستمر البعض هكذا إلى سن العشرين . وقد يستمر البعض إلى ما بعد ذلك . و في هدا المقال سوف نعرض اهم اسباب التبول اللاإرادي عند الاطفال مع بعض الحالات و طرق علاجه .

اسباب التبول اللاإرادي الجسمية وعلاجها

الواجب الأول في دراسة حالات التبول هو الفحص الجسمي الدقيق الشامل فقد يكون هناك اسباب جسمية للتبول اللاإرادي عامة كفقر الدم ، أو الاضطرابات العصبية العامة ، أو انتشار السموم الفطرية في الجسم لوجود بؤرة لها حيث يجب البحث عنها ومهاجمتها ، وقد يكون هناك أسباب جسمية محلية كائنة في الجهاز البولي کالكليتين ، أو الحالبين ، أو المثانة ، أو مجرى البول .

ويمكن تقسيم الحالات الجسمانية التي يجب معرفتها في التبول اللاإرادي إلى ما يأتي :

  • حالة البول ووجوب معرفة ما إذا كانت درجة حموضة البول عالية ، أو إذا كان هناك التهاب في حوض الكلية ( Pyelitis أو التهاب في المثانة ( Cystitis ) أو التهاب في الحالب أو وجود حصوات في أي جهة من الجهات ( الكلية أو الحالب أو المثانة ) .
  • التهاب مجرى البول المعروفة في الذكور باسم ( Urethral Infammation ) وفي الإناث باسم ( Vulvo vaginitis ) .
  • كثرة التبول ( Polyuria ) وقد يكون هذا متسببة من مرض السكر ( Diabetes بنوعيه وأحدهما ينشأ من اختلال إفراز بعض أجزاء الغدة النخامية ، : و إسمه ( Diabetes Insipidus ) ، والثاني ينشأ من عدم كفاية الأنسولين الذي تفرزه الغدد الموجودة في البنكرياس و إسمه ( Diabetes Mellitus ) .
  • التهابات المستقيم ( Proctitis ) .
  • الديدان المعوية والبلهارسيا والأنكلستوما .
  • عدم التحام العمود الفقرى في أجزائه السفلى واسمه Spina Bifida .
  • الإمساك وسوء الهضم
  • تضخم اللوزتين والزوائد الأنفية .
  • الحالة العامة كالإنهاك العصبي وفقر الدم ونقص الفيتامينات وما إلى ذلك .

ويجب علاج الحالة الجسمانية التي يحتمل أن تكون أحد العوامل الأصلية أو المساعدة التي تؤدي إلى التبول اللاإرادي علاجا حاسما عند بدء ظهورها . ومن الممكن أن يستمر التبول حتی بعد علاج العامل الجسماني بحكم العادة .

فيجب بعد ذلك العمل على تكوين العادات اللازمة للتغلب على التبول في أثناء النوم . ومن الحالات التي أرسلت إلى العيادة السيكولوجية ، ولد عمره 13 سنة كان يتبول وهو نائم ، وكان ضعيفا شاحب اللون ، واتضح أنه مريض بالبلهارسيا (مرض طفيلي حاد و مزمن ) ، والتهاب في قناة مجرى البول ، وكان يسعل صباحا ومساء ، وعنده بعض الاتواء في العمود الفقري . وكان الولد بالقسم الداخلي في إحدى المدارس ، وأمكن علاجه من الكثير مما كان به من الأمراض مما حسن في صحته العامة ، ومكنه من بذل جهد مثمر . وأمكن عمل الترتيب اللازم لإعطائه الطعام المغذي المناسب ، وأرشد إلى عدم الإكثار من المواد الشديدة الملوحة ، أو الحلاوة ، حتى لا يضطر إلى كثرة شرب الماء .

وأمكن عمل الترتيب اللازم لزيادة الأغطية المقررة له ، وتشجيعه على الاستيقاظ حوالى الساعة الحادية عشرة ليذهب إلى دورة المياه ، وزيادة تشجيعه بعد نجاحه في محاولاته ، وجعل الجو المحيط به جوا طبيعيا إزاء مشكلته ، إلى أن تحسنت حالته الجسمية والنفسية تحسنا واضح ) .

وهناك حالة أخرى لولد أرسل في سن السابعة والنصف إلى العيادة لما عنده من تأتأة ، وتبول ، وبعض الحرکات العصبية . واتضح بفحصه أنه شره وضعيف البنية .

إذ أن وزنه أقل من العادي بالنسبة لطوله وسنه بمقدار خمسة كيلو جرامات تقريبا ، واتضح كذلك أن عنده احتقانا في اللوزتين ، وأن لديه زوائد أنفية متضخمة .

و بتحليل البراز وجدت به بويضات وديدان الأكسيروس ( Oxyuris ) وكان واضحا بدراسة ظروف الحالة من الناحية الاجتماعية أن أول وأهم ما يحتاجه هو العلاج الجسماني .

وقد تعاونت الأسرة مع العيادة تعاونا كاملا ، فأزيلت اللوز والزوائد ، وعولج من الأكسيروس ، ونصحنا الأسرة أن ينام الطفل بمفرده إذ كان ينام مع أخت له كانت تتبول أحيانا ، وألا يذهب للمدرسة حتى يقوى جسمه وذلك بأن يلعب اللعب الكافي و يتغذى . وبالفعل تحسنت حالته كلها ، فقلت حركاته العصبية وقلت تأتأته . وللحالة ظروف وأعراض أخرى غير ما ذكرنا .

أسباب التبول اللاإرادي النفسية وعلاجها

وفي بعض الأحيان يرجع أسباب التبول اللاإرادي إلى عوامل نفسية أهم عنصر فيها هو عنصر الخوف ، سواء أكان قائما بذاته أو داخلا في تكوين انفعالات مركبة .

وقد يكون الخوف قائما بذاته ، كما في الخوف من الظلام ، أو من الحيوان ، أو من التهديد ، أو بعد سماع قصة مزعجة ، أو غير ذلك . وقد يدخل الخوف في تركيب انفعال آخر كالغيرة ؛ فمن الانفعالات الداخلة في تركيب الغيرة خوف الشخص من فقد امتیاز معين فقدان نهائيا .

في حالة مجيء مولود جديد في الأسرة ، قد يهتم به الوالدان ويهملان من قبله ، فتبدو على هذا مظاهر الغيرة بصورة أو أكثر من صورها المتعددة ، ويصحبها في ذهن الطفل خوف من أنه فقد اهتمام والديه به إلى الأبد . هذا أيضا شعور بالنقص .

وكثيرا ما يصحب الغيرة من مولود تبول وبصخب أثناء النوم .


اسباب التبول اللاإرادي في سن 12 و 8

ليس من السهل إرجاع حالة التبول إلى عامل عائلى واحد ، كظهور مولود في الأسرة ، أو تفضيل أحد في الأسرة على صاحب الحالة ، أو وفاة عزيز ، أو غير ذلك بل نجد عادة أنه يترتب على تغير الجو الذي يسود البيئة التي يعيش فيها الطفل ، فقده ثقته بنفسه ، وخوفه على مركزه في الحال أو المستقبل ، مما يسبب له أحلاما مزعجة أثناء الليل ، يصحبها أحيانا فقدان القدرة على التحكم في ضبط عضلات الجهاز البولى .


الحالة 1 توضح اسباب التبول اللاإرادي في سن 8

الحالة هي لولد في سن الثامنة كان يتبول مرات عديدة في كل ليلة ، بدأ ذلك عقب وفاة والد الطفل وهو في سن الرابعة ، أي بعد أن كان قد قطع رحلة طويلة في ضبط نفسه من التبول . و بدراسة الحالة وجدنا أن الحالة الصحية طيبة وخالية من جميع الأسباب الجسمانية التي يحتمل رجوع الحالة إليها .

وأن الأسرة كانت حالتها المالية فوق المتوسط ، وكان الوالد شابا ناجح جدا في عمله ، وكان كل من الوالد والولد متعلق بالآخر تعلقا شديدا . فكان الوالد يأخذ ابنه معه في نزهاته ، وفي الحفلات الكثيرة التي يدعى إليها .

وكان الولد لحيويته وجمال شكله وذكائه ولباقته موضع فخر والده ، وموضع التفات أصدقائه . فكان الوالد بذلك مرتبطا في ذهن الولد برباط جميل سار .

مات الوالد فجأة ، وشاهد الولد بعض ما يصحب الوفاة من أمور مزعجة غير عادية . وبذلك حدث انقلاب مفجايء في مجال حياة الطفل ، ويلاحظ أن الأم كانت أقل تعلقا بالإبن من الوالد ، وكانت أكثر تعلقا بابنتها الصغرى منها بالولد ، و بعد وفاة الوالد حصل هبوط شديد في مستوى موارد الأسرة مما اضطرها إلى تغيير مستوى معيشتها تغييرا كبيرا جدا .

فقد أخذت الأم أولادها وسكنت مع أمها في مسكنها الذي لم يكن يتسع أصلا إلا لها ولابنتها الأخرى وابنها .

ومع ذلك رتب المنزل لإخلاء غرفة للولد وأمه و أخته . وبعد مدة قصيرة تضايقت الجدة من الأولاد ومن ميلهم إلى الحركة واللعب والصياح ، الأمر الذي لم تعتده في سنواتها الأخيرة .

و بعد مدة قصيرة تضايقت الجدة من الأولاد ومن ميلهم إلى الحركة واللعب والصياح ، الأمر الذي لم تعتده في سنواتها الأخيرة .

فكانت تعلن سخطها وتضايقها على مسمع من الأولاد ، ونظرا لأن الولد أكثر نشاط وإقلاقا من البنت ، كان يخصه من سخط جدته النصيب الأكبر ، وما وصل الطفل إلى سن السادسة حتى بدأ يحدث في مجال حياته تغيير جوهری آخر وهو ان أمه بدأت تفکر في الزواج ، وكان الولد غير راض بهذا الزواج .

وعدم رضائه قد يكون بعضه بوحی ممن حوله من جدة وخال وخالات وأقارب و بعضه قد يكون لأنه كان يحس إحساسا غامضا أنه يمكنه أن يحل محل الوالد بعد وفاته ، فكان يريد أن يحتفظ بهذه المكانة .

و بعضه قد يكون راجعا لأن نفسه تأبى أن يحل شخص غريب محل أبيه .

و بعضه قد يكون راجع لما يسمعه من أن زوج الأم يجعل جو المنزل عادة غير سائغ لأولاد من زوج آخر .

خلاصة الأمر أن الولد كان كارها لهذا المشروع و کارها لأمه و بالتالي أصبحت أمه تكرهه وكانت تؤلب أخته الصغيرة عليه لدرجة أنها كانت تطلب منها أن تبصق في وجه إذا هو أغاظها .،

ولهذا أصبح مركز الطفل ينتقل بسرعة من سيء إلى أسوأ ، فبعد أن فقد الولد أباه ، لم يجد في أمه ولا جدته عوضا ، بل بالعكس ، وجد فيهما بخصها على حد تقديره .

وأخذت هذه الخصومة تزداد ، و بذلك ازدادت مخاوفه وازداد ضعف ثقته ببيئته زيادة كبيرة لوحظ الولد أثناء نومه ، وكان يتقلب وينام نومة مضطربة ، وكان عند تبوله في أثناء نومه يصيح ويشتم موجها شتائمه لنساء ، وكان تبوله مصحوبا بشبه کابوس شديد ، وكان من أحلامه أن يحلم بمصارعة الثعابين ، التي كانت تعضه وتغلبه على أمره .

ولعل الثعبان كان في أحلامه رمزا لخطاب الأم .

حاولت العيادة الحصول على تعاون الأم في المساواة في المعاملة بين الولد والبنت وفي بذل جهد في معاونة ابنها على تكوين عادة الاستيقاظ ، وفي تحسين مركز الولد بتحسين مجال حياته .

والوصول به إلى شعوره بحب والدته وتقديرها له .

ولكن الأم لم تتعاون مع العيادة بالمرة ، وكانت تريد أن تعالج ما عنده دون أن تبذل هي من جانبها أي نوع من المجهود أو التضحية . فكانت تريد دواء تعطيه لابنها ليتناوله حتى يشفى مما به . أما أن يطلب منها بذل جهد ما ، فهي تفضل عليه أن يستمر ابنها فيما هو فيه على أن تغير معاملتها معه .

ومعظم الحالات الأخرى فيها نفس السبب إلى أن مجال حياة الطفل يفقده الشعور بالأمن ، فتصبح حياته قلقة ، ويبدو قلقه هذا في مظاهر متعددة منها التبول في الفراش .

فحالات التبول في الفراش تظهر معها التأتأة أحيانا وأحيانا يكون معها الجبن وضعف الثقة بالنفس ، و يظهر معها أحيانا الميل الشديد إلى التخريب ونوبات الغضب والميل الشديد إلى المساندة كما في الحالة التي فصلناها .

ويلاحظ في حالات كثيرة أنه ليس من السهل تحديد السبب أو مجموعة الأسباب التي يرجع إليها التبول اللاإرادي أثناء الليل .

الحالة 2 توضح اسباب التبول اللاإرادي في سن 12

في إحدى الحالات التي وردت للعيادة وهي حالة تلميذ بالقسم الداخلي بمدرسة ابتدائية كان في الثالثة عشرة من عمره ، و قد ارسل للعيادة لتبوله في أثناء الليل ، وكان الولد ضخم الجسم سمين الصدر والردفين ، مما يشعر باحتمال اضطراب في إفرازات الغدة النخامية ، ولا سيما أنه متأخر بعض الشيء في النمو الجنسى ، وقد أدت ضخامة جسمه وغرابة شكله وسلوكه إلى استهزاء التلاميذ به ، وأغرتهم بإثارته ، وهو قليل الاستقرار ، كثير الحركة ، كثير الكلام يميل إلى العمل المدرسي اليدوي الرسم والأشغال ، ولا يميل إلى العمل العقلى .

وهو مرح لا يشعر بالمسئولية ، ولا يعرف ماله وما عليه ، وهو يهمل نفسه كثيرة ، ويهيج إذا أثاره زملاؤه .

والداه متوفيان ، و تم قتل أخيه بعد وفاتهما وأصبح الولد في هذه السن المبكرة وحيدا ، ولا يوجد على قيد الحياة من أقاربه سوی خاله وابن عم أبيه .

وهو بالإضافة إلى هذا كله مصاب بالبلهارسيا ، وعنده زوائد أنفية ، وهو يميل كثيرة إلى أكل الأشياء الشديدة الحلاوة .

هذا الولد لديه مجموعة من العوامل الجسمانية والاجتماعية التي يصح أن يترتب عليها التبول في الفراش أثناء الليل .

و يجب عدم البدء بأي نوع من أنواع العلاج الأخرى إلا بعد التأكد التام من أن جميع الاحتمالات الجسمانية التي يصح أن يرجع إليها التبول في الفراش قد أزيلت .

فالواجب الأول هو علاج : البلهارسيا ، و إزالة الزوائد الأنفية ، وبحث حالة الغدة النخامية ، وعلاج ما قد يكون بها من نقص باعطاء مستخلص بعض الغدد اللازمة مثلا .

بعد هذا كله يمكن أن يتم التركيز على عادة الاستيقاظ في الأوقات المناسبة للتبول ، ثم تعالج نواحی النقص الاجتماعية الأخرى ما أمكن .

ولم تتمكن في العيادة من تطبيق الخطوات السابقة الذكر لانتقال الولد من القاهرة إلى الإسكندرية وانقطاع صلته بالعيادة .

  • ومن أهم اسباب التبول اللاإرادي اعتماد الطفل على أمه ، أو حاجته للالتجاء إليها . ففي كثير من حالات التبول اللاإرادي نلاحظ أن الطفل يعتمد كثيرا على أمه، فهي تطعمه وتلبسه وتقوم له بكل صغيرة وكبيرة ، والتبول هنا قد يكون حيلة لا شعورية تساعد على تحقيق ما تشتاق إليه نفس الطفل مما تعوده . ويلاحظ أيضا أن الحالات التي يكون فيها الأب قاسيا على الطفل يكون الطفل فيها في حاجة إلى الالتجاء إلى الأم ، والتبول قد يأتي و أمه قريبة منه .

وربما يمكن أحيانا أن نفسر بنفس الطريقة تبول الطفل الذي يمرض كثيرا وهو صغير ، فينال من أمه عناية زائدة ثم يشفى بعد ذلك ، ويكبر ، ثم يبدأ يفقد هذا الامتياز وهو لا يقوى على فقده .

من هذا كله نتبين قيمة تحرير الطفل من اعتماده على أمه في بعض أموره بما في ذلك التبول وغيره .

وفي ضوء ما تقدم نرى أن التبول اللاإرادي ( التبول في الفراش ) يمكن النظر إليه: في عدد غير قليل من الحالات – كتعبير لاشعوری من النوع الذي سميناه النكوص أي الرغبة اللاشعورية للرجوع إلى حالة الطفولة التي يتمتع فيها الطفل برعاية الأم .

وقد وجد بعض الباحثين أن أكثر من 50 % من حالات التبول اللاإرادي التي ترسل إلى العيادات السيكولوجية في أوروبا فقد الطفل فيها عطف أمه ورعايتها وعنده حاجة شديدة إليهما .

أعراض التبول اللاإرادي (التبول في الفراش) :

_ للتبول أثناء النوم مصاحبات بعضها نتائج التبول نفسه ، و بعضها نتائج الأسباب التي نتج عنها التبول .

ولعل أبرز هذه النتائج ، اتساخ الفراش وتعرضه للتلف وتلويث هواء غرفة النوم ، التي تكون عادة قليلة التهوية خاصة بالنائمين ، ومن هذه المصاحبات كذلك الأعراض السيكولوجية التي تنتج من الشعور بالنقص ، أو فقدان الشعور بالأمن .

وهذه الأعراض إما أن تكون من نوع الشعور بالنقص ، أو فقد الشعور بالأمن ، كالفشل الدراسي ، والشعور بالذل ، والخجل ، والميل إلى الانزواء ، والتأتأة ، والنوبات العصبية ، والاستمناء ، وغير ذلك ، وإما أن تكون الأعراض تعويضية كالعناد ، والتخريب ، والميل إلى الانتقام ، وكثرة النقد ، وسرعة الغضب ، وغير ذلك .

ويصاحب التبول اللاإرادي في كثير من الحالات النوم المضطرب ، والأحلام المزعجة ، وتدهور الحالة العصبية .

ويبدو أن هذه الأحلام هي مجرد مصاحبات للتبول وليست سببا له . وقام أحد الباحثين بدراسة أنواع الشخصية في حالات التبول اللاإرادي فوجد بعد استثناء حالات الضعف العقلى وما يشبهها أنه يمكن تقسيم أصحاب الحالات إلى نمطين اثنين .

أحدهما النمط العصبي الزائد النشاط ، وثانيهما النفط اللمفاوي الحامل القليل النشاط .

والنوع الثاني يكون عميقا في نومه ، ويغلب أنه لا يحس بامتلاء مثانته .

أما النوع الأول فيغلب أن يكون العامل الأساسي عنده هو اضطراب حياته الانفعالية بسبب اضطرابه في مجال حياته .

ويكون التبول في الفراش أحيانا عند المراهقين مصاحبا لبعض الأحلام الجنسية .

ويبالغ بعض أتباع فرويد فيعتبرون أن التبول في الفراش نشاطه شبه جنسی ، فبعضهم يتكلم عن التلذذ الجنسي للمجاري البولية ( Urinary Sexuality or Urethral Erotism ) ، وهذا الرأي قليل الأنصار . ومن الملاحظ أن النجاح في علاج حالة التبول تنقشع معه كثير من مصاحباته ، لأن الذي يعالج عادة ليس هو التبول اللاإرادي فقط ، وإنما هو المجال الذي يعيش فيه الطفل والذي يترتب على صفته العامة فقد الشعور بالأمن ، والذي يكون التبول فيه عرضا واحدا من مجموعة غير صغيرة من الأعراض .

وتزول مع حالة التبول في كثير من الأحيان نتائجه المباشرة كالشعور بالذلة ، والخجل ، والتأخر الدراسي ، والميل للوحدة ، وما شابه ذلك .

علاج التبول اللاإرادي :

سبق أن ذكرنا أنه يجب التأكد أولا من سلامة الجسم من كل ما يحتمل أن يكون عاملا فعالا أو عاملا مساعدا في عملية التبول اللاإرادي . ولهذا يجب فحص حالة الجسم العامة والمحلية فحصا دقيقا ، ويجب تحليل البول والبراز والدم لهذا الغرض .

ويبالغ بعض المعالجين أحيانا في علاج الناحية الجسمية بمحاولة إعطاء أنواع من الحقن أو توسيع مجرى البول أو تنظيف المثانة … وغير ذلك .

وكان الأطباء إلى ما يقرب من ربع قرن مضى يعتقدون أن المشكلة جسمية صرفة ، ولكنهم بدأوا يرون في السنوات الأخيرة أنها يمكن في غالب الأحيان أن تكون ذات أصل سيكولوجي .

ويجب أن يتجه الذهن بعد استكمال الفحص الجسمى إلى تحسين حالة البيئة التي يعيش فيها الطفل .

فيجب أن يعيش الطفل مطمئنا ، ولذلك يجب أن يعالج ما قد يكون بين الوالدين من خلاف ، وتعالج طريقة معاملة الوالدين للطفل ، ويعالج كذلك ما قد يكون هناك من غيرة أو فشل دراسي … أو ما إلى ذلك . ويلاحظ أن الوالدين عند مواجهتهما للتبول يقعان عادة في كثير من الأخطاء .

ويؤدي بعض هذه الأخطاء إلى تثبيت المشكلة ، أو الإيحاء بشدة أهميتها وصعوبة التخلص منها ، أو الإيحاء بثبوتها في طبيعة الطفل لدرجة لا يفيد معها بذل أي مجهود إزاءها .

ومن هذه مثلا أن يعلن الآباء أن الطفل يشبه في تبوله أثناء نومه بعض أقربائه ، مما قد يوحي بأن المشكلة وراثية و بأنه لا أمل في التخلص منها .

كذلك قد ينسب الآباء المشكلة إلى سبب جسمانی ، فيهملون العلاج النفسي ، وقد يغفلون عن السبب المسمی رغم أهميته فيصعب على الطفل إذ ذاك تكوين العادات اللازمة للتغلب على مشكلته لأن السبب جسمانی صرف كإلتهاب المجاري البولية أو غير ذلك .

ومن أخطاء الآباء أن يعلنوا أن الطفل سيتغلب على مشكلته هذه بعد نموه نموا كافيا وكبره ، و بذلك يكفون أنفسهم مؤونة بذل الجهد في مساعدة الطفل للتغلب على مشكلته .

ويجب التنبيه إلى ضرورة عدم إذلال الطفل ، وعدم ضربه وتوبيخه أو معاملته بالغضب ، أو لصق وصمة به ، أو اعتباره بائسا مسکینا … إلى غير ذلك .

فهذه كلها أساليب من شأنها أن تجعل الطفل توقع الشر ويفقد القدرة على ضبط المثانة بسبب الخوف والإحساس بالنقص ، ولكن يجب أن يعامل بالعطف والإرشاد العاديين ، على ألا يبالغ الآباء في العطف على الطفل إلى حد أنهم يخفون مثلا معالم التبول قبل أن يشعر بها الطفل نفسه بأن يغيروا له ملابسه أو فراشه قبل أن يستيقظ من نومه ، وهذه المبالغة في مراعاة إحساس الطفل توحي له بخطورة المشكلة وأهميتها ، وصعوبة التغلب عليها .

ويراعى في معالجة حالة التبول اللاإرادي أن يشعر الطفل بضرورة معالجتها ، وأن علاجها أمر بسيط يتوقف نجاحه كله عليه ، وأن المشكلة خاصة به وليست مشكلة من أمه أو أبيه ، ولو أن العلاج يحتاج في أول الأمر إلى مساعدة الكبار المحيطين بالطفل ، كإيقاضه في ساعة معينة من الليل تقع غالبا حوالى الحادية عشرة تقريبا . وأكبر صعوبة تقابلها العيادة أنها لا تحصل عادة على المعونة الكافية من الكبار الحيطين بالطفل .

فالأمهات لايردن عادة أن يبذلن الجهد الكافي . ولاصبر لهن على التطبيق المنتظم المتكرر لقاعدة معينة جديدة .

وكثيرا ما كن يقلن أنهن طبقن كل التعليمات التي أعطيت ، ولا فائدة ، ولا نتيجة . و بالاستقصاء الدقيق يتضح أن التعليات لم ينفذ منها شيء قط .

فإذا أمكن التأكد من معاونة الأمهات ، كانت عملية غرس فكرة في الطفل عن مقدرته على التغلب على صعوبته عملية سهلة يقوم بها الأخصائي النفساني .

و يمكن تلخيص عوامل نجاح علاج التبول اللاإرادي في :

المواظبة ، والدقة في تنفيذ النظام الذي يضعه الأخصائي النفسي ، وفي وجود الاهتمام الكافي من جانب الطفل والأم وفي الثقة بالنجاح . وهذه الثقة في النجاح تزداد عادة بالنجاح نفسه والشعور بمقداره ، ويأتي هذا كله بعد التأكد من إزالة الأسباب الجسمية أو العوامل الإنفعالية الناشئة عادة بدورها من مجال حياة الطفل . ويصح أن نضيف هنا بعض القواعد التي يجب أن تراعی بوجه عام مع كل طفل . و بنوع خاص مع الطفل الذي تكون لديه حالة التبول في الفراش :

  • إتباع نظام دقيق جدا لمواعيد التبول وتنفيذ هذا النظام من الأشهر الأولى .
  • تعويد الطفل نهارا ضبط نفسه مدة كافية ، وذلك بالمباعدة بين أوقات ذهابه للتبول نهارا و يمكن الناشىء بعد تمرنه أن يتبول مرة كل أربع ساعات أو خمسة .
  • ومع ذلك يجب تعويد الطفل تلبية الحاجة للتبول في الوقت المناسب ، لأن حبس البول مدة طويلة جدا يفقد المثانة قدرتها الطبيعية على حجز البول .
  • استيفاء الشروط الصحية المعروفة للتغذية ، واللعب ، والنوم ، من حيث الكمية والنوع والمواعيد .
  • منع أكل الأشياء التي تتطلب شرب كميات كبيرة من الماء ، كالمواد الشديدة الملوحة أو الحلاوة .
  • عدم تناول السوائل بكميات كبيرة قبل النوم .
  • الابتعاد عن جميع المهيجات المحلية في الأجهزة البولية وما حولها ومنع الإمساك .
  • يساعد الطفل على التغلب على ما يجعل عملية التبول صعبة : وهذه الصعوبات قد تكون في الملابس ، فيجب أن تكون الملابس بحيث يسهل حلها عندما تظهر الحاجة إلى ذلك . وقد تكون الصعوبة في المكان المخصص للتبول كبعده أو إظلامه أو إظلام الطريق المؤدي إليه ، أو في عدم ملاءمته لأمر ما ، مما قد يدفع الطفل إذا هو استيقظ للتبول في أثناء الليل إلى تأجيل عملية تفريغ البول إلى الصباح و بذلك قد تفرغ مثانته رغم إرادته .
  • إذا كان الطفل يخاف الظلام فليكن في غرفة نومه ضوء بسيط جدا أو ( بطارية ) أو إناء خاص للتبول ، أو فليصاحبه أحد الكبار الحيطين به إلى دورة المياه .
  • زيادة ساعات النوم والراحة للطفل الذي يتبول أثناء النوم ، إذ يكون هذا النوع عادة منهك الأعصاب . ولزيادة ساعات الراحة ، خصوصا في القيلولة أهمية أخرى وهي أنها تقلل من عمق النوم بالليل . لأن هذا العمق في النوم يجعل الاستيقاظ أمرا عسيرا . وأغلب الذين يتبولون في نومهم ليلا لا يوقظون عادة إلا بصعوبة كبرى .
  • توفير ما يؤدي إلى إشباع الطفل حاجاته الأولية من أمن وتقدير وعطف وحرية … وما إلى ذلك .

ويجب تعويد الطفل الاستيقاظ ليلا وذلك بإيقاظه إيقاظا تاما لهذا الغرض بعد ذهابه للنوم بساعة ونصف ساعة تقريبا ، ثم يوقظ مرة أخرى بعد ذلك بأربع ساعات او خمس ، و يمكن كل أم أن تكتشف الوقت المناسب لإيقاظ طفلها .

قد يهمك : أعراض القلق ، أسبابه و طرق علاجه

خاتمة :

يتبين من كل ما تقدم أن التبول اللاإرادي يكون في الغالب نتيجة لمجموعة من العوامل الجسمية والنفسية ، غير أن أهم عامل يجب أن نتجه إليه بعد استيفاء جميع النواحي الجسمية هو توفير الأمن للطفل . وقد لوحظ أن علاج التبول الاإرادي يؤثر في حالة الشخص النفسية والجسمية أثرا واضحا . كما أنه يتأثر بهما إلى حد بعيد . ولم يتسع المجال للإفاضة في مختلف البحوث والآراء التي ظهرت عن صلة العوامل الجسمية بالتبول ، ولا عن كيفية التحكم الإرادي في عضلات المثانة ، ولا عن أثر الخوف في هذه العضلات ، كذلك لم نستوقف رأى بعض أتباع فرويد على أن التبول نوع من النشاط الجنسي ، فقد رأينا أن كثيرا من أتباع فرويد الآخرين لا يأخذون بهذا الرأي . وهناك بحوث حديثة غير مستوفاة عن صلة التبول بطابع شخصية الطفل وصلته بطابع شخصية الوالدين ، وصلته بطابع البيئة ، وصلته بدرجة عمق النوم ، وصلته بطابع الأحلام ، وصلته بالنشاط الغددی . ولكن هذه البحوث تعتبر ضئيلة القيمة ، في هذه المرحلة التي وصلت إليها من الناحية العملية .

ولهذا نكتفي بأن نقول إن على الأمهات تعويد أطفالهن العادات الملائمة للتبول من سن مبكرة جدا . فإذا تم لهن هذا فإن الحياة الصحية من الناحيتين النفسية والجسمية كفيلة باحتمال عدم حدوث التبول اللاإرادي ، ويلاحظ أن حدوثه مرة أو مرات قليلة متباعدة لايجوز أن نعلق عليه أي أهمية . ويشبه التبول اللاإرادي التبرز اللاإرادي ، ولكن هذا الأخير يعتبر حالات نادرة جدا إذا قيست إلى حالات التبول اللاإرادي ، فهي تكاد لاتتجاوز 4 % منها . ولعل هذه الندرة ترجع فقط إلى أن ضبط البراز أسهل من ضبط التبول . ولكن الظاهرتين تتفقان فيما عدا ذلك اتفاقا يكاد يكون تاما من حيث النتائج والأعراض والأسباب وأساليب العلاج والوقاية

المرجع :

  • عبد العزيز القوصي ، اسس الصحة النفسية ، الطبعة الثالثة المنقحة ، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة ، مصر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock