ماذا نعرف حقًا عن الذكاء العاطفي؟
هل اختبارات الذكاء العاطفي مجرد خدعة؟
نعرف جميعًا مفهوم الذكاء العاطفي، أو ما يُعرف اختصارًا بـ “EQ”، ونسمع كثيرًا عن أهميته في تحقيق النجاح في الحياة. يُنظر إلى الذكاء العاطفي كبديل للذكاء الأكاديمي (IQ)، فهو يقيس مدى وعي الشخص بمشاعره ومشاعر الآخرين، وقدرته على التحكم بانفعالاته، خاصةً تحت الضغط.
تُشير العديد من الادعاءات إلى أن امتلاك مستوى عالٍ من الذكاء العاطفي يُمكنك من تحقيق النجاح في الحياة، وأن درجة “EQ” قد تكون أهم من درجة “IQ”. فنرى أشخاصًا يتمتعون بذكاء أكاديمي عالٍ لكنهم يفشلون في الحياة العملية، والعكس صحيح، فقد نجد أشخاصًا لم يحققوا تفوقًا دراسيًا لكنهم حققوا نجاحات باهرة في حياتهم العملية.
ولكن، على الرغم من كل هذه الادعاءات حول أهمية الذكاء العاطفي، قد يصدمك أن علم النفس لا يزال يبحث عن إجابة واضحة حول ماهية الذكاء العاطفي وكيفية قياسه بدقة. فالطريقة الوحيدة لمعرفة مستوى ذكاء شخص ما عاطفيًا هي من خلال اختبارات تعتمد بشكل أساسي على تقييم الشخص لنفسه، وهذا النوع من الاختبارات معرض للتحيز، حيث يسعى البعض لإظهار أنفسهم بصورة أفضل مما هم عليه للحصول على نتائج مرضية.
هل تقييمات الذكاء العاطفي موثوقة؟
في دراسة حديثة لعام 2024، أجرتها سارة أ. ووكر وكارولين ماكان من جامعة سيدني، أشارتا إلى أن تقييمات الذكاء العاطفي تُستخدم على نطاق واسع في مجالات التعليم والتوظيف. لكن الدراسة أكدت أن العديد من الأشخاص يُبالغون في تقييم ذكائهم العاطفي، خاصةً عندما تكون لنتائج الاختبار عواقب على حياتهم.
ولم تقتصر مشكلة التحيز على التقييم الذاتي فقط، بل امتدت لتشمل تقييم الآخرين للذكاء العاطفي للشخص، والتي تُعرف بـ “تقييم المراقب”. فقد يتأثر تقييم المراقب بعلاقته مع الشخص، كأن يكون صديقًا أو قريبًا، مما يؤدي إلى نتائج غير دقيقة.
هل جميع المراقبين متساوون في التحيز؟
لقياس مدى التحيز في تقييم الذكاء العاطفي، أجرى باحثو جامعة سيدني دراسة على 383 مشاركًا، وطُلب منهم تقييم أنفسهم أو تقييم شخص آخر باستخدام استبيان الذكاء العاطفي المكون من 30 بندًا (TEIQue-SF) في ظل أربع مجموعات من التقييم الذاتي/تقييم المراقب، والتظاهر بالرضا/الصدق.
أظهرت النتائج أن التحيز كان واضحًا في كلا حالتي التقييم الذاتي وتقييم المراقب، حيث مال المراقبون إلى تقييم الأشخاص الذين يعرفونهم بشكل أفضل مما هم عليه في الواقع.
كيف نتعامل مع نتائج تقييمات الذكاء العاطفي؟
أكدت الدراسة على أهمية توخي الحذر عند التعامل مع نتائج تقييمات الذكاء العاطفي، سواء كانت تقييمًا ذاتيًا أو تقييمًا من قبل الآخرين. فمن المهم ألا نعتمد على هذه النتائج بشكل مطلق، وأن نضع في اعتبارنا إمكانية وجود تحيز.
بدلاً من الاعتماد على الاختبارات التقليدية، يقترح الباحثون استخدام طرق أخرى أكثر دقة في تقييم الذكاء العاطفي، مثل “أخذ العينات من التجربة”، حيث يقوم الأشخاص بتقييم أنفسهم عدة مرات خلال فترات زمنية مختلفة، أو