في عالم العلاقات الإنسانية، نجد نوعين بارزين من العلاقة الحميمة، أحدهما يشهد رواجًا متزايدًا في عصرنا الحالي. فبينما تُركز العلاقات المُستدامة على بناء روابط عميقة وطويلة الأمد، تقتصر العلاقات العابرة على فترات متقطعة من التواصل والتفاعل. ولكل نوع مزاياه وعيوبه، فالعلاقات العابرة تُجنبنا الدخول في متاهات العلاقات المُستدامة وما تتطلبه من جهد ووقت والتزام.
ولكن ما الذي يجعل العلاقات المُستدامة تبدو “مُعقدة” للغاية؟ تكمن الإجابة في التحديات التي تواجهها، كالخلافات في وجهات النظر، واختلاف القيم والمبادئ، والحاجة إلى وضع حدود صحية تحفظ لكل طرف استقلاليته دون الإضرار بِعُمق العلاقة. دعونا نتعمق أكثر في فهم هذين النوعين من العلاقات.
العلاقات العابرة:
- دائرة واسعة من “الأصدقاء”: يسهل بناء علاقات عابرة مع العديد من الأشخاص، كونها لا تتطلب نفس القدر من الجهد والوقت اللازم لبناء علاقات مُستدامة.
- لقاءات عابرة: تدور هذه العلاقات حول مناسبات ولقاءات محددة، دون التزام حقيقي ببناء علاقة طويلة الأمد.
- مساحة شخصية: يُحافظ الأفراد في العلاقات العابرة على مساحتهم الشخصية ويضعون حدودًا واضحة للوقت والتواصل.
- أحاديث سطحية: تتركز الأحاديث غالبًا حول أحداث وتجارب خارجية، دون التطرق إلى مواضيع شخصية أو عميقة.
- مشاعر إيجابية سطحية: تُبنى هذه العلاقات على مشاعر إيجابية مُشتركة دون الخوض في نقاشات قد تُثير الاختلاف أو التعارض.
- غياب التوقعات: لا يتوقع الأفراد من بعضهم الكثير في العلاقات العابرة، ولا يتم مناقشة احتياجاتهم أو رغباتهم بشكل واضح.
- تجنب الخلافات: يتم تجنب الخلافات والمناقشات الحادة، وقد تؤدي أي مُشادة إلى تباعد الطرفين.
- غياب التطور: لا تُشكل هذه العلاقات عادةً حافزًا للتطور الشخصي أو بناء روابط عميقة.
- التركيز على الماضي: تدور الأحاديث حول ذكريات ومواقف سابقة أكثر من التركيز على الحياة الحالية والتجارب الجديدة.
العلاقات المُستدامة:
- نمو مُشترك: تُعتبر هذه العلاقات فرصة للنمو الشخصي و تطوير العلاقة نفسها.
- مبادرة ثنائية: يسعى الطرفان بشكل مُستمر للتواصل وقضاء الوقت معًا.
- مشاركة حقيقية: يتشارك الطرفان اهتماماتهما ومشاعرهما وأفكارهما بشكل مُتبادل.
- دائرة صغيرة من الأصدقاء الحقيقيين: تتطلب هذه العلاقات جهدًا ووقتًا كبيرين، لذا يقتصر الأمر على عدد قليل من الأصدقاء الحقيقيين.
- التعبير عن الاحتياجات: يتم التعبير عن الاحتياجات والتوقعات بشكل واضح وصريح.
- إدارة الخلافات: يتم التعامل مع الخلافات كفرصة للتعلم والتطور، بعيدًا عن الرغبة في الفوز أو إثبات الصواب.
- احترام الاختلاف: يتم احترام وجهات النظر المختلفة والتعامل معها بِمُرونة وانفتاح.
- حدود صحية: يتم وضع حدود واضحة وصحية تحفظ استقلالية كل طرف وتُعزز من قوة العلاقة.
قد تجمع بعض العلاقات بين خصائص النوعين، فالعلاقات البعيدة مثلًا قد تكون عابرة بحكم الظروف، لكنها تُتيح للأصدقاء فرصة مُتابعة أخبار بعضهم البعض والتواصل بين الحين والآخر.
يبقى الأهم هو أن نُحدد بشكل واضح نوع العلاقة التي نسعى إليها مع الآخرين.
اطرح على نفسك هذه الأسئلة:
- هل أستمتع بِقضاء الوقت مع هذا الشخص؟
- هل أرغب بِالتعرف عليه بشكل أعمق؟
- هل يُقدم لي هذا الشخص ما أحتاجه في علاقة حقيقية؟
- هل يهتم هذا الشخص بِالتعرف عليّ بشكل أفضل؟
- هل نجد صعوبة في التفاهم أو التوافق مع بعضنا البعض؟
- هل لديّ الوقت والطاقة الكافيين لِبناء علاقة مُستدامة مع هذا الشخص؟
- هل أُفضل الحفاظ على علاقة عابرة مع هذا الشخص؟
إذا كانت إجاباتك تميل نحو الرغبة في بناء علاقة أكثر عمقًا، فقد حان الوقت للتفكير في تحويل هذه العلاقة إلى علاقة مُستدامة. وحتى وإن كانت هذه الفكرة تُثير بعض التخوف لديك، فتذكر أن الخروج من منطقة الراحة هو البوابة الرئيسية للنمو والتطور.