## هل حدسك في الجريمة موثوق؟ دروس من قضية شونا بيث جاربر
المصدر: تصوير ك. رامسلاند
في عالم البحث عن الحقيقة، غالباً ما يواجهنا تحدّي فصل الحدس عن الواقع. فقد شهدنا جميعاً كيف يمكن لـ “محققي الإنترنت” أن يقفزوا إلى استنتاجات متسرعة بناءً على معلومات محدودة، مما يسلط الضوء على مخاطر الاعتماد المفرط على الحدس في فكّ ألغاز الجرائم.
لنأخذ على سبيل المثال قضية شونا بيث جاربر، التي عُثر على رفاتها في مزرعة مهجورة عام 1990. سرعان ما أشارت أصابع الاتهام إلى دينيس رادر، المعروف باسم “BTK Killer”، وذلك لوجود بعض الروابط الظرفية. فقد سافر رادر إلى المنطقة في نفس وقت وقوع الجريمة، وكان لديه تاريخ من استهداف النساء، واستخدم أساليب ربط تشبه تلك التي وُجدت على جثة جاربر.
انتشرت هذه التكهنات كالنار في الهشيم على الإنترنت، مدفوعة برغبة عميقة في حلّ اللغز والتحيز التأكيدي، حيث تمّ تجاهل الأدلة التي لا تتناسب مع هذه النظرية. لكن الحقيقة كانت مختلفة تماماً. فقد أثبتت التحقيقات أن القاتل شخص آخر تم التعرف عليه من خلال أدلة دامغة.
تُعلّمنا قضية جاربر درساً مهماً حول حدود الحدس في التحقيقات الجنائية. فعندما نتمسك بفرضية معينة، نميل إلى تفسير الأدلة بطريقة تدعمها، متجاهلين الاحتمالات الأخرى. يُطلق علماء النفس على هذه الظاهرة “التحيز التأكيدي”.
ولكن، كيف يمكننا حماية أنفسنا من هذه المزالق الفكرية؟
يقترح الخبير في علم الإجرام كيم روسمو عدداً من الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد المحققين على تجنب التحيز في تحليلاتهم، منها:
- التوعية بمخاطر الاختصارات المعرفية وتأثيرها على جمع وتحليل المعلومات.
- بناء فرضيات متعددة واختبارها بشكل منهجي.
- تحديد مجالات عدم اليقين والتعامل معها بحذر.
- دراسة أمثلة من التحقيقات الناجحة وغير الناجحة لفهم العوامل التي تؤدي إلى النجاح أو الفشل.
إن التحقيق الجنائي فن وعلم في آن واحد. فبينما يلعب الحدس دوراً مهماً في توليد الفرضيات، إلا أن الاعتماد عليه بشكل أعمى قد يؤدي إلى نتائج كارثية. فالحقيقة ليست دائماً كما تبدو، والوصول إليها يتطلب التفكير الناقد، والتحليل الدقيق للأدلة، والانفتاح على جميع الاحتمالات.