## فن الحوار البنّاء: كيف تربح النقاش بحكمة؟
في خضمّ الحياة، تُشكّل النقاشات والحوارات جزءًا لا يتجزأ من تفاعلاتنا اليومية. فبينما قد يُنظر إلى الجدال على أنه مُنافسة يسعى كل طرف للفوز بها، إلا أن الحقيقة تكمن في أن الهدف الأسمى يجب أن يكون التوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف وتُعزز التفاهم المُشترك.
ومن هنا تبرز أهمية التسلّح بأدوات فعّالة تُساعدنا على إدارة حواراتنا بكفاءة وتُمهّد الطريق نحو نقاشات بنّاءة. ولعلّ من أبرز هذه الأدوات هي عبارة “جزء مني”، فهذه العبارة البسيطة تحمل في طياتها قوة هائلة على تهدئة الأجواء المُتوترة وفتح قنوات التواصل بشكل إيجابي.
“جزء مني”: مفتاح لسلاسة الحوار
تكمن قوة عبارة “جزء مني” في قدرتها على خلق مساحة مشتركة بين الأطراف المُتحاورة، فهي تُعبر عن الاعتراف بمشاعر الطرف الآخر وتُظهر التفهّم لوجهة نظره، مما يُساهم في تهدئة الأجواء المُحتقنة ويُمهّد الطريق لحوار هادئ وعقلاني.
فعندما نقول “جزء مني يتفهم غضبك من هذا الموقف”، فنحن لا نتنازل عن موقفنا بالضرورة، وإنما نُظهر للشخص الآخر أننا نُدرك مشاعره ونحترمها، وهذا ما يجعله أكثر انفتاحًا لسماع وجهة نظرنا ومناقشتها بشكل بنّاء.
كيف تستخدم “جزء مني” بفعالية؟
للاستفادة من قوة عبارة “جزء مني” في إدارة حواراتك بشكل فعال، يمكنك اتباع الخطوات التالية:
-
ابدأ بالتفهّم:
قبل أن تُدلي بدلوك في النقاش، حاول أن تستمع للشخص الآخر بإنصات وتفهم وجهة نظره بشكل كامل. وبعد ذلك، ابدأ حديثك بالتعبير عن تفهّمك لموقفه باستخدام عبارة “جزء مني”.
فعلى سبيل المثال، إذا كان زميلك في العمل غاضبًا بسبب ضغط العمل، فيمكنك أن تقول: “جزء مني يتفهم شعورك بالإرهاق نتيجة ضغط العمل الكبير”.
-
عبّر عن وجهة نظرك:
بعد التعبير عن تفهّمك لوجهة نظر الشخص الآخر، حان الوقت للتعبير عن رأيك وموقفك من الموضوع. استخدم كلمات ربط مثل “ولكن” أو “ومع ذلك” للانتقال بسلاسة من وجهة نظره إلى وجهة نظرك.
فعلى سبيل المثال، يمكنك أن تُكمل الجملة السابقة بالقول: “ولكن أعتقد أن بإمكاننا التغلب على هذا الضغط من خلال التعاون وتوزيع المهام بشكل أفضل”.
-
ادعم حديثك بالأدلة:
لا تكتفِ بالتعبير عن رأيك فقط، بل ادعمه بالأدلة والحقائق والأمثلة التي تُعزز من مصداقية حديثك.
فعلى سبيل المثال، يمكنك أن تقول: “لقد أظهرت الدراسات أن التعاون بين أفراد الفريق يُساهم في إنجاز المهام بشكل أسرع وأفضل”.
-
ادعُ للتعاون:
ختم حديثك بدعوة الشخص الآخر للتعاون وإيجاد حلول مشتركة تُرضي جميع الأطراف.
فعلى سبيل المثال، يمكنك أن تقول: “دعونا نجلس معًا ونضع خطّة عمل جديدة تُساعدنا على توزيع المهام بشكل أفضل وتُخفف من ضغط العمل”.
نصائح إضافية لإدارة الحوارات بنجاح:
- حافظ على هدوئك وتحكم بمشاعرك أثناء النقاش.
- استمع للشخص الآخر بإنصات وحاول أن تفهم وجهة نظره حتى وإن كنت لا تتفق معها.
- لا تقاطع الشخص الآخر أثناء حديثه.
- تجنب التلفّظ بعبارات مهينة أو جارحة.
- ركّز على الموضوع الرئيسي للنقاش ولا تحيد عنه.
- كن مستعدًا للتنازل والتفاوض من أجل التوصل إلى حل يُرضي جميع الأطراف.
ختامًا، تُعدّ عبارة “جزء مني” أداة فعّالة تُساعدنا على إدارة حواراتنا بشكل بنّاء وتُمهّد الطريق نحو التوصل إلى حلول مرضية للجميع. فبالتحلي بأخلاق الحوار السليمة واستخدام هذه العبارة بحكمة، نستطيع تحويل النقاشات من مصدر للتوتر والخلاف إلى فرصة للتواصل البنّاء وتعزيز العلاقات الإيجابية.