## هل يمكن قياس قوة خيالنا؟
تختلف قدرتنا على استحضار الصور الذهنية بشكل كبير. فبينما يصف البعض امتلاكهم لـ “خيالٍ مُفعم” بصور واضحة كأنها حقيقية، يُفيد آخرون ممن يعانون من “انعدام التخيّل” بعدم قدرتهم على استحضار أي صور ذهنية على الإطلاق. فعند التفكير في تفاحة حمراء على سبيل المثال، يستطيع البعض تخيلها بوضوحٍ تام، بينما لا يستطيع آخرون استحضار أي صورة ذهنية على الرغم من قدرتهم على وصفها.
## قياس التخيّل: ما وراء التقارير الذاتية
اعتمدت العديد من الدراسات على مقاييس التقرير الذاتي لتقييم حيوية الصور الذهنية، مثل “استبيان وضوح الصور الذهنية” (VVIQ). يُطلب من المشاركين في هذا الاستبيان تخيّل أشياء معينة وتقييم مدى وضوحها على مقياس مُحدد.
لكن هذه المقاييس تظل عرضة للتحيز والتفسير الشخصي، مما قد يُؤثر على دقة النتائج. لذلك، بدأ الباحثون في استكشاف طرق أخرى لتقييم التخيّل بشكلٍ موضوعي، مثل قياس استجابات بؤبؤ العين أو استخدام تقنيات التصوير العصبي.
## التأثير المُسبق والتكيّف: نافذة جديدة على عالم الخيال
في دراسة حديثة نُشرت في مجلة [Research Square](https://www.researchsquare.com/article/rs-4467655/v1)، قام فريق من الباحثين بقيادة “مُزده فرحبخش” بتجربة طريقة جديدة لقياس حيوية الصور الذهنية باستخدام مهمة “التأثير المُسبق والتكيّف”.
تعتمد هذه المهمة على فكرة أن التعرّض لمُحفز مُعين يُمكن أن يُؤثر على إدراكنا للمُحفزات اللاحقة. فقد يُؤدي إلى “تأثير مُسبق” يزيد من احتمالية إدراك المُحفز التالي بنفس طريقة المُحفز الأول، أو ”تأثير تكيّف” يُقلل من هذه الاحتمالية.
في هذه الدراسة، طُلب من المشاركين مشاهدة صور غامضة يُمكن تفسيرها بأكثر من طريقة، مثل:
صور غامضة مشابهة لتلك المستخدمة في الدراسة التي أجراها مُزده فرحبخش وآخرون (2024)
المصدر: نيكولاس دافيدنكو
قُسمت التجربة إلى جزئين: في الجزء الأول، شاهد المشاركون صورة واضحة لمدة خمس ثوانٍ قبل عرض الصورة الغامضة، بينما طُلب منهم في الجزء الثاني تخيّل الصورة الواضحة قبل عرض الصورة الغامضة.
## التخيّل يُحاكي الواقع
أظهرت النتائج وجود ارتباط وثيق بين استجابات المشاركين في الجزئين. فالأشخاص الذين أظهروا “تأثير مُسبق” في حالة مشاهدة الصورة الواضحة، أظهروا نفس التأثير عند تخيّلها، والعكس صحيح بالنسبة لـ “تأثير التكيّف”.
يشير هذا الاكتشاف إلى أن طريقة تفاعل عقولنا مع الصور المُخيّلة تُحاكي إلى حدٍ كبير طريقة تفاعلها مع الصور الحقيقية، وأن قياس ”تأثير المُسبق والتكيّف” قد يُساعدنا على قياس حيوية الصور الذهنية بشكلٍ موضوعي.
مع ذلك، لا تزال هذه الدراسة بحاجة إلى مزيد من البحث لتأكيد نتائجها وتطويرها. فقد وجد الباحثون على سبيل المثال عدم وجود ارتباط بين نتائج هذه المهمة ونتائج ”استبيان VVIQ”، مما يُثير تساؤلات حول العلاقة بين التقييم الذاتي والتقييم الموضوعي للخيال.