الترحال في الصغر: هل يُلقي بظلاله على الصحة النفسية في الكِبَر؟
لطالما ارتبطت الطفولة بالاستقرار، ذلك الإحساس الدافئ بالأمان الذي يمنحهُ البيتُ والحيّ والأصدقاء. لكن ماذا لو تقلّبت حياة الطفل بين الترحال والتنقل؟ هل يُمكن لهذا أن يؤثر على صحته النفسية عند البلوغ؟
تشير دراسة حديثة نُشرت في مجلة “علم النفس غير الطبيعي” إلى وجود علاقة بين كثرة الانتقال أثناء الطفولة وارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب في مرحلة البلوغ. فقد وجد الباحثون أن الأطفال الذين انتقلوا أكثر من مرتين قبل سن العاشرة كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة تصل إلى الضعف مقارنةً بأقرانهم الذين استقروا في مكان واحد.
ويرجع الباحثون هذه العلاقة إلى عدّة عوامل، منها:
- صعوبة تكوين علاقات اجتماعية قوية ومستدامة.
- فقدان الإحساس بالانتماء للمكان والمجتمع.
- التعرض المتكرر لتجارب جديدة قد تكون مرهقة نفسياً.
وبالرغم من أن هذه الدراسة تُسلّط الضوء على جانبٍ هام، إلا أنّه من الضروري الإشارة إلى أنّها لا تعني بالضرورة أنّ كل طفل مُنتقل مُعرّض للإصابة بالاكتئاب. فهنالك العديد من العوامل الأخرى التي تلعب دوراً في ذلك، مثل التاريخ العائلي للأمراض النفسية، والظروف الاجتماعية والاقتصادية، ومدى الدعم الأسري الذي يحصل عليه الطفل.
لذلك، من المهمّ على الأهل الذين يضطرون للتنقل بشكلٍ متكرر أن يكونوا على دراية بهذه المخاطر، وأن يبذلوا قصارى جهدهم لتوفير بيئة مستقرة وداعمة لأطفالهم، وذلك من خلال:
- التحدث معهم بصراحة عن أسباب الانتقال.
- تشجيعهم على تكوين صداقات جديدة والانخراط في أنشطة اجتماعية.
- الحرص على بقائهم على اتصال بأصدقائهم القدامى.
- طلب المساعدة من أخصائي نفسي إذا لزم الأمر.
ففي النهاية، يبقى الاستقرار النفسي للطفل هو الهدف الأسمى، سواءً استقرّ به المقام في مكان واحد، أو حملته الحياة على الترحال.