هل هي هلوسات موسيقية أم كائن غريب يعيش في علية منزلك؟
## هل هي هلوسات موسيقية أم جار مزعج؟
بدأت فلورا تشك بوجود شخصٍ يسكنُ سرًّا في عليّة منزلها، ظنًّا منها أنّه يعبث بتشغيل الموسيقى في غيابها. ظاهرةٌ غريبةٌ تُشبه قصص الجريمة الحقيقية التي تُعرف بـ ”الخداع”.
“على الأقل يمتلكُ ذوقًا رفيعًا في الموسيقى!” تُرددُ فلورا ضاحكةً، مُحاولةً التخفيف من وطأة الأمر.
كانت موسيقى عذبة تُسمع في أرجاء منزلها مرّة أو مرّتين أسبوعيًا، ألحانٌ مألوفةٌ تعيدها إلى ذكريات طفولتها الجميلة مع والدها.
لم تُزعجها تلك الموسيقى في البداية، إلى أن أدركت أنّها الوحيدة التي تسمعها!
## الهلوسات الموسيقية: ليست حكرًا على مرضى الفصام
عندما نسمع كلمة “هلوسة”، يتبادر إلى أذهاننا مباشرةً مرض “الفصام”، ولسببٍ وجيه! تُشيرُ الدراسات إلى أنّ 70% من مرضى الفصام يُعانون من هلوساتٍ سمعية، غالبًا ما تكون على شكل أصواتٍ تُملي عليهم ما يجبُ فعله أو تجنّبه.
لكن، عند الحديث عن سماع موسيقى غير موجودة، فإنّ 26% فقط من مرضى الفصام يُعانون من هذه الظاهرة، مُقارنةً بـ 41% من مرضى الوسواس القهري!
كشفت دراسةٌ أُجريت عام 2013 أنّ 26.8% من المرضى الذين يتلقّون العلاج في العيادات الخارجية – أشخاصٌ عاديّون مثلي ومثلك – قد عانوا من هلوساتٍ موسيقية.
لِنُبسّط الأمر: إذا افترضنا وجود 100 شخصٍ يتلقّون العلاج، فمن المُرجّح أن يُعاني 27 منهم من هلوساتٍ موسيقية. وهو مُعدّلٌ مُشابهٌ لعدد الأشخاص ذوي العيون الزرقاء في الولايات المتحدة الأمريكية!
إذًا، تُعدّ الهلوسات الموسيقية أكثر شيوعًا ممّا نعتقد. لكن ما الذي يُسبّبها؟
## فقدان السمع: مُتهمٌ رئيسيّ
يُعدّ فقدان السمع السبب الأكثر شيوعًا للهلوسات الموسيقية. فما نعتقد أنّنا “نسمعه” عند الاستماع إلى الموسيقى هو في الواقع مُحصلة تفاعلٍ مُعقّدٍ بين دخول الصوت إلى آذاننا، وكيفية تفسير دماغنا له.
في الحالات الطبيعية، تكون الأصوات التي تدخل آذاننا عاليةً بما يكفي ليتفوّق الصوت على مُحاولة الدماغ لملء الفراغات. لكن عند وجود ضعفٍ في السمع – خاصةً إذا لم يكن الشخص على درايةٍ به – فإنّ التواصل بين الأذن والدماغ يُصبح أشبه براديوٍ مليء بالتشويش.
لا تقتصر الهلوسات على نزلاء المصحات العقلية، فبعض الحالات الطبية قد تُسبب أعراضًا تُحاكي الأمراض النفسية.
المصدر: Cottonbro/Pexels
يُحاول الدماغ جاهدًا فكّ شيفرة هذا التواصل المُشوّش بالاعتماد على ما هو مألوف لديه، وقد يلجأ إلى التعامل مع الصوت على أنّه موسيقى في غياب معلوماتٍ أوضح.
فجأةً، قد يُصبح صوت جزّازة العشب البعيدة مع هبوب الريح بين الأشجار أشبه بأغنيةٍ مُرتبطة بذكرياتٍ جميلةٍ من الماضي.
يعتقد الدماغ أنّه حلّ المشكلة، لكنّه في الحقيقة خلق هلوسةً مُحيّرة!
## الاضطرابات النفسية: عاملٌ مؤثّر
وجدت دراسةٌ أُجريت عام 2015 أنّ 39% من حالات الهلوسات الموسيقية كانت ناجمةً عن اضطراباتٍ نفسية، مثل الاكتئاب، والقلق، والوسواس القهري، والفصام، والاضطراب ثنائي القطب، واضطراب الفصام العاطفي.
وُجد أنّ هناك علاقةً وثيقةً بين الوسواس القهري والهلوسات الموسيقية. حيث تُشيرُ بعض الأدلة إلى أنّ الأشخاص الذين يُعانون من الوسواس القهري أكثر حساسيةً للموسيقى المتكررة، وقد يكون لديهم رغبةٌ مُلحةٌ في الانغماس فيها.
قد يدفعهم القلق المُفرط إلى مُحاولة إيجاد معنى منطقيّ لجميع مُدخلاتهم الحسية – على غرار سلوكهم الطقسيّ المُتكرّر.
يُصبح الشخص المُصاب بالوسواس القهري في موقفٍ مُشابهٍ للشخص الذي يُعاني من فقدان السمع: كلاهما يسعى جاهدًا لفهم الأصوات العشوائية للشعور بالأمان.
قد يُفسّر الدماغ الأصوات العشوائية عن طريق دمج