الخيانة الزوجية: كيف تتوقف عن حمل عار لا يخصّك؟
من أكثر الأسئلة التي أسمعها من الأشخاص الذين تعرضوا للخيانة الزوجية: “ماذا تعني هذه الخيانة بالنسبة لي؟”
يكشف هذا السؤال عن صراع داخلي عميق. يسألون أنفسهم: “ماذا يعني عني أنني تعرضت للخيانة؟ ماذا يعني عني أنني ما زلت أحب شخصًا خانني؟ هل محاولتي إصلاح العلاقة دليل على ضعفي؟ هل قراري بالانفصال دليل على قوتي؟”
تكمن في صميم هذه التساؤلات مشاعر مُرهقة من العار. يرتبط هذا العار بمشاعرهم تجاه أنفسهم، وليس بالضرورة بفعل الشريك. يتشبّث العار بقلوبهم، ويلطّخ أعمق رغباتهم واحتياجاتهم في العلاقة بالشك الذاتي، ونقد الذات، وانعدام الأمان.
العار كرابط مُحطّم
في كتابها “فهم وعلاج العار المزمن”، تصف باتريشيا دي يونج العار بأنه ظاهرة تحدث عندما نعاني من انقطاع في العلاقات في وقت الحاجة. تقول دي يونج: “العار هو تجربة الشعور بالانفصال عن الذات عندما تنقطع الروابط أو تتعرض للتهديد”.[i] وبالتالي، فإن العار ليس مجرد شعور فردي، بل هو ديناميكية علائقية تحدث بين شخصين.
بين وطأة الذنب وسمّية العار
من المهم التمييز بين العار والذنب. نشعر بالذنب عندما ننتهك مبادئنا وقيمنا، فيؤنبنا ضميرنا. “نشعر بالذنب” ونأسف على ما فعلناه. هذا الشعور بالذنب مُفيد لأنه يُنبهنا عندما نؤذي أنفسنا أو الآخرين، ويدفعنا للعيش بما يتوافق مع قيمنا.
أما العار، فهو شعور سام. فبدلاً من أن يرتبط بسلوكياتنا ويساعدنا على التغيير، يتشبث العار بإحساسنا بقيمة الذات. تتحول عبارة “لقد فعلت شيئًا أندم عليه” إلى “أنا إنسان سيء لا يستحق الحب”. مع مرور الوقت، يبدأ العار السام في تشويه نظرتنا لأنفسنا، ويقودنا إلى الشعور بانعدام القيمة وعدم استحقاق الحب. قد يبدأ في تشكيل قصة سلبية نرددها لأنفسنا عن هويتنا.
يعمل الشعور بالعار والذنب في العلاقات بطرق متناقضة. في معرض حديثها عن الدراسات التي تتناول الفرق بينهما، تلخص دي يونج الأمر بقولها: “يظهر العار من خلال الدراسات كعاطفة وإدراك له آثار مدمرة على العلاقات، بينما تشكل القدرة على الشعور بالذنب قوة إيجابية”.[ii] الذنب ضروري لتعزيز السلوك الصحي والإصلاح والشفاء في العلاقات. أما العار، فيدمّر العلاقات من خلال بناء جدران وخلق اختلال في توازن القوة.
عندما يتصرف الناس دون خجل، فإنهم لا يشعرون بالذنب الصحي الذي قد يدفعهم لإعادة التفكير في سلوكهم وربما اختيار مسار مختلف. ونتيجة لذلك، ينتقل العار السام إلى الطرف الآخر في العلاقة.
في حالة الخيانة الزوجية، يتصرف الشريك الخائن بطريقة تُنتهك اتفاقيات العلاقة. يفتقرون إلى الشعور بالذنب الذي كان من الممكن أن يمنعهم من إيذاء شريكهم. ثم يتحول هذا إلى عار سام ينتقل إلى الطرف المُعتدى عليه (الشريك المخدوع)، الذي ينتهي به الأمر حاملاً لعبء لا يخصّه.
يعاني معظم ضحايا الخيانة الزوجية من هذا الانتقال للعار، لكنهم لا يدركون عادةً أنه حدث أو أن هذا العار ليس ملكهم. قد يرتبط العار بالعديد من جوانب الذات، مما يؤثر على جوانب متعددة من حياتهم. فيما يلي بعض الطرق التي قد يختبر بها ضحايا الخيانة الزوجية العار:
- الجاذبية الجسدية والرغبة الجنسية: قد يشعرون بالنقص أو عدم الجاذبية أو “عدم الكفاية”.
- الحياة الجنسية: قد يشعرون بالخجل من رغباتهم الجنسية أو سلوكهم أو حتى طريقة تعبيرهم عنها.
- الثقة: قد يشعرون بالغباء لثقتهم بشريكهم وعدم إدراكهم لما كان يحدث.
- القابلية للحب وتقدير الذات: قد يُحرمهم العار من الشعور بقيمتهم الذاتية، مما يخلق شعورًا عميقًا بانعدام الأمان حول هويتهم وقيمتهم.
التحرر من عار لا يخصّك
بما أن العار الذي تحمله ليس عارك في الأصل، فلا يمكنك علاجه بالعمل على نفسك فقط. الطريقة التي يمكنك بها الشفاء هي إعادته إلى مصدره أو التخلي عنه تمامًا.
لا نقوم بذلك من خلال إلقاء اللوم على الطرف الآخر. فعندما نخجل شخصًا آخر، فإننا نتصرف بدورنا دون خجل، ونُبقي على السمية حية في العلاقة. بدلاً من ذلك، نتخلى عن العار من خلال تحرير أنفسنا من عبء حمله ومن الأكاذيب التي يزرعها فينا عن أنفسنا.
إحدى الطرق للقيام بذلك هي عمل قائمة بالطرق التي تحملت بها عار شريكك بسبب الخيانة. فكّر في كيفية تأثير سلوك شريكك على طريقة تفكيرك وشعورك تجاه نفسك. هذا هو العار الذي تحمله – التغيير في نظرتك لنفسك الناتج عن سلوك شخص آخر. إليك بعض الأمثلة:
- أحمل عار كذب وخداع شريكي من خلال الاعتقاد بأنني ساذج لثقتي به.
- أحمل عار خيانة زوجي لي من خلال الاعتقاد بأنني لست جميلة أو مرغوبة بما يكفي لإبقائه مخ