## أجسادنا ليست ساحة للتعليقات: رحلة مع تشييء الذات وعار الجسد
في عالمٍ يعجّ بصور مثالية وقياسات محددة للجمال، يُصبح من السهل الوقوع في فخّ مقارنة أنفسنا بالآخرين، وتحديد قيمتنا بناءً على مظهرنا الخارجي. لكن ماذا يحدث عندما يتحوّل هذا الشعور إلى عادةٍ يومية، ونبدأ في تشييء أنفسنا، وننظر إلى أجسادنا كسلعةٍ خاضعةٍ لأحكام الآخرين؟
أثبتت الدراسات تأثير عار الجسد وتشييء الذات على الصحة النفسية، حيث يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، والقلق، واضطرابات الأكل، وغيرها من المشاكل النفسية. (أونوكا وزملاؤه، 2024؛ تيغمان وسلاتر، 2019؛ جرابي وزملاؤه، 2007).
ولعلّ أبرز مثال على ذلك هو وسائل الإعلام، التي تساهم في ترسيخ معايير جمالية ضيقة، مما يدفع الكثيرين إلى الشعور بالنقص وعدم الرضا عن مظهرهم.
ولكن، تكمن المشكلة الحقيقية في أنّ عار الجسد وتشييء الذات لا يقتصران على وسائل الإعلام، بل يمتدّان إلى حياتنا اليومية، من خلال التعليقات السلبية التي قد نتلقّاها من الأصدقاء، أو العائلة، أو حتى الغرباء.
في هذا السياق، تُسلّط قصة اختصاصية التغذية “جولي كول” الضوء على التجربة المؤلمة للعيش مع عار الجسد، والتبعات النفسية التي قد يترتب عليها.
## بين مقصّ الجراح ومقاييس المجتمع
تعرّضت “جولي” في صغرها لعضة كلب في وجهها، مما استدعى إجراء عملية جراحية. وخلال تلك المرحلة الحسّاسة، اقترح الطبيب عليها إجراء عملية تجميل لأنفها، وهو ما يُعدّ دليلاً واضحاً على مدى تأصّل فكرة ضرورة التوافق مع معايير الجمال السائدة.
ولم تقتصر تجارب “جولي” مع عار الجسد على القطاع الطبي، بل امتدّت لتشمل تجربة التسوّق أيضاً، حيث كانت تجد صعوبة بالغة في العثور على ملابس تناسب مقاسها، وهو ما يعكس واقعاً يعاني منه الكثيرون، حيث أظهرت الدراسات أنّ 67% من الأشخاص يواجهون صعوبة في إيجاد ملابس تناسب أحجامهم. (استطلاع 2022)
## رحلة البحث عن القبول بين إزالة الغرسات ومرض زرع الثدي
في محاولةٍ منها للتوافق مع معايير الجمال التي يفرضها المجتمع، قررت “جولي” إجراء عملية تكبير للثدي وهي في العشرين من عمرها. ولكن، بدلاً من أن تُحقّق لها هذه الخطوة الرضا الذاتي، زادت من شعورها بالقلق والاكتئاب، خاصةً بعد التعليقات السلبية التي تلقتها من الطبيب الذي أجرى لها العملية.
وبعد مرور سنوات، قررت “جولي” إزالة غرسات الثدي، بعد أن أدركت أنّها لم تساعدها في تحقيق الرضا عن ذاتها، بل على العكس من ذلك، زادت من شعورها بالغربة عن جسدها. ولكن مرة أخرى، قوبل قرارها بالرفض من قبل الطبيب، الذي حاول ثنيها عن ذلك، مدّعياً أنّها ستبدو “مشوّهة” بعد إزالة الغرسات.
ولم تقتصر معاناة “جولي” على التبعات النفسية فحسب، بل امتدّت لتشمل مضاعفات صحية خطيرة، حيث أصيبت بمرض زرع الثدي، وهو مرض يصيب 5% من النساء اللاتي يخضعن لعمليات تكبير الثدي. (ليفيرينج وزملاؤه، 2022)
## الرضا يبدأ من الداخل
تُجسّد قصة “جولي” معاناة الكثيرين مع ضغوط المجتمع التي تُحدّد مفهوم الجمال بمقياسٍ واحد، وتتجاهل التنوّع الطبيعي للأجساد. فبدلاً من التركيز على الصحة والعافية، يُصبح الهاجس الأك