أين المعلومات الحقيقية عن الحمل والولادة؟
## الحقيقة غير المُرَوّجة عن الولادة: لماذا حان الوقت لكسر حاجز الصمت؟
هذه هي المقالة السادسة في هذه السلسلة.
في كتابها “الأمومة: الحمل والولادة والأمومة”، تُسلّط لوسي جونز الضوء على غياب المعلومات الكافية التي تُقدّم للنساء حول حقيقة الولادة، والتبعات الفعلية لاستخدام مسكنات الألم أثناء المخاض، والمخاطر المحتملة التي قد تواجهها المرأة أثناء هذه الرحلة.
تُناقش جونز مفهوم “الولادة الطبيعية” الذي تمّ الترويج له على مدى عقود باعتباره الخيار الأمثل، إلا أنها تُشير إلى أن هذا المفهوم له جذور تاريخية محددة.
وتُرجع جونز هذا المفهوم إلى طبيب التوليد البريطاني غرانتلي ديك ريد، الذي صاغ هذه العبارة في منتصف القرن العشرين، ورسم صورة مثالية للولادة، مُصراً على أن الألم ليس عنصراً أساسياً فيها، وأن الخوف هو السبب الرئيسي وراء الشعور به. وطور ديك ريد تقنية للتنويم المغناطيسي لمساعدة النساء على التخفيف من حدة التوتر والقلق أثناء المخاض، وبالتالي تقليل الشعور بالألم. ولا تزال نظرياته تُستخدم وتُطبق حتى يومنا هذا.
لكن جونز تُؤكد على أن ديك ريد لم يُقدّم أدلة كافية لدعم نظريته، ولم يُثبت فعالية التنويم المغناطيسي وتقنيات الاسترخاء في تخفيف آلام الولادة.
قد تُشكّل هذه المعلومات صدمة للعديد من النساء، خاصةً مع انتشار هذه الأفكار بشكل واسع في دورات الإعداد للولادة.
لكن بالنسبة للنساء اللواتي خضن تجربة الولادة، فالألم هو حقيقة لا مفر منها، بغض النظر عن تقنيات الاسترخاء والتنفس. فالألم جزء لا يتجزأ من هذه التجربة، وكلّ ما يتم تعلمه في الدورات التحضيرية قد يتلاشى أمام حدة الألم. وإنكار هذه الحقيقة هو إما نتيجة قدرة عالية على تحمل الألم، أو براعة في نسيان الذكريات المؤلمة.
وتُسلّط جونز الضوء أيضاً على المعلومات المُضلّلة التي تُعطى للنساء حول مخاطر استخدام التخدير فوق الجافية ومسكنات الألم أثناء الولادة، حيث يُشاع أنها تُبطئ من عملية المخاض وتزيد من احتمالية اللجوء إلى الولادة القيصرية. لكن الأبحاث تُثبت عدم صحة هذه المعلومات.
فقد أشارت دراسة حديثة أجراها “ذا” وزملاؤه (2021) إلى أن التخدير فوق الجافية لا يُطيل مدة المخاض إذا تم إعطاؤه بعد تمدد عنق الرحم بمقدار 6 سم، ولا يؤثر على صحة الطفل. كما أكدت مراجعة شاملة للأدبيات الطبية أجراها “أشاغري” وزملاؤه (2023) عدم وجود خطر متزايد للجوء إلى الولادة القيصرية عند استخدام التخدير فوق الجافية.
وتُناقش جونز أيضاً التبعات الجسدية للولادة، وتركّز على شيوع حدوث تمزقات في المهبل والعجان والعضلة العاصرة للشرج، مؤكدةً على عدم إعلام النساء بهذه المخاطر بشكل كافٍ قبل الولادة.
ووفقاً لدراسة أجراها “أوكيالام” وزملاؤه (2023)، فإن 9 من كل 10 نساء يُصبن بتمزقات في العجان أثناء الولادة الأولى، وتصل نسبة إصابة العضلة العاصرة للشرج إلى 6%. كما تُشير الدراسة إلى إمكانية حدوث إصابات في قاع الحوض أثناء الولادة.
من الضروري أن تكون النساء الحوامل على دراية بهذه المعلومات، ليس لإثارة القلق، بل لتكون أكثر قدرة على اتخاذ قرارات واعية والدفاع عن صحتهن قبل الولادة وبعدها. فعلى سبيل المثال، يُعدّ فهم مخاطر إصابات العضلة العاصرة للشرج أثناء الولادة المنزلية أمراً في غاية الأهمية، حيث أن الإصلاح الجراحي السريع ضروري للوقاية من سلس البراز، الذي قد يؤثر سلباً على جودة حياة الأم بعد الولادة. لذا يجب على النساء التأكد من قدرة القابلات على تشخيص وعلاج مثل هذه الإصابات.
كما يُنصح الأمهات لأول مرة بالتعرّف على الإجراءات الوقائية المُتاحة، مثل حماية العجان يدوياً أثناء الولادة، والتأكد من خبرة الطبيب أو القابلة في تطبيق هذه التقنيات. كما يمكن للنساء الحوامل ممارسة تمارين تدليك العجان خلال الثلث الأخير من الحمل لتعزيز مرونة عضلات العجان (Okeahialam et al., 2023). ولا ننسى أهمية طلب العلاج الطبيعي بعد الولادة في حال حدوث إصابات في قاع الحوض.
قراءات أساسية عن الحمل
تُؤكد لوسي جونز على أن العديد من النساء لا تملك الوعي الكافي بهذه القضايا، كما أن بعض القابلات والممرضات وأطباء التوليد لا يناقشونها بشكل صريح مع مرضاهم.
لقد حان الوقت لكسر حاجز الصمت والتحدث بصراحة عن حقيقة الولادة، وتزويد النساء بالمعلومات التي يحتجنها للاستعداد لهذه التجربة الفريدة والتحديات التي قد تواجهها بعد الولادة.
شكراً لك، لوسي جونز، على إلقائك الضوء على هذه القضايا المُهمة.
rnrn