هل صديقك “جامع للشكاوى”؟ وكيف تتعامل معه؟
من أكثر المواقف إيلامًا في العلاقات الإنسانية هي تلك اللحظة التي ينقلب فيها ودّ صديق عزيز إلى سيل جارف من اللوم والعتاب. تتكرر هذه القصص المؤلمة، ونرى فيها كيف يمكن لهدية بسيطة أو تأخير غير مقصود أن يتحول إلى شرارة تشعل غضبًا مكبوتًا، مخلفة وراءها مشاعر جياشة بالألم والحيرة.
تخيل معي هذا الموقف: أنت تخطط لمقابلة صديق مقرب، متحمسًا لرؤيته بعد فترة من الغياب. وعندما تلتقيان، تستقبلك نظرات باردة، وسرعان ما تتحول إلى كلمات قاسية تتهمك بالإهمال وعدم المبالاة، ليس فقط بسبب تأخرك الطفيف، بل لسلسلة طويلة من “الأخطاء” التي تراكمت على مرّ الشهور، والتي لم تكن على دراية بها على الإطلاق!
أو تخيل أنك في علاقة عاطفية واعدة، وفجأة، يتحول شريكك إلى شخص غريب، متجاهلاً مكالماتك ورسائلك. وعندما تنجح أخيرًا في التواصل معه، تفاجأ بقائمة طويلة من العيوب والهفوات التي ارتكبتها بحقه!
فما الذي يحدث في هذه المواقف؟ هل أنت مخطئ حقًا ولا تدرك أخطائك؟ هل تختار أصدقاءك وشركاءك بشكل خاطئ؟ أم أن هناك تفسير آخر لما يحدث؟
في الواقع، يُعرف هذا السلوك باسم “جمع الشكاوى”، وهو نمط سلوكي يتجنب فيه الشخص المواجهة المباشرة، ويكبت مشاعره السلبية تجاه الآخرين، إلى أن تصل إلى نقطة الغليان، فينفجر غاضبًا، ملقياً باللوم على الآخرين دون مراعاة لمشاعرهم.
و غالبًا ما يكون “جامعو الشكاوى” أشخاصًا شديدي الحساسية، يسهل جرح مشاعرهم، ويميلون إلى تفسير المواقف بشكل سلبي، ورؤية الإساءة حتى في المواقف البريئة.
فكيف تتعامل مع “جامع الشكاوى”؟
- **الحوار الهادئ:** حاول التحدث مع صديقك بهدوء، بعد أن يهدأ غضبه، واستمع بانفتاح لمخاوفه.
- **وضع الحدود:** من المهم أن تضع حدودًا واضحة لعلاقتك، وتوضح له أنك لست مستعدًا لتحمل الإساءة اللفظية أو العاطفية.
- **التشجيع على التعبير عن المشاعر:** شجع صديقك على التعبير عن مشاعره بشكل مباشر وصحي، بدلاً من كبتها.
- **التركيز على الحلول:** بدلاً من الدخول في جدال عقيم، حاول التركيز على إيجاد حلول للمشاكل التي تواجه علاقتكما.
و في النهاية، تذكر أن قرار البقاء في هذه العلاقة هو قرار شخصي بحت. فإذا كنت تشعر بأن هذه الصداقة تستنزف طاقتك وتؤثر سلبًا على صحتك النفسية، فمن حقك أن تبتعد وتبحث عن علاقات صحية تدعمك وتساعدك على النمو.