## داخل عقل مُهدد الاغتيال: هل هي السياسة أم نيران الغضب الشخصي؟
لطالما شغل السؤال عن دوافع الراغبين في اغتيال الشخصيات العامة، وخاصةً قادة الدول، الرأي العام و حيّر المحللين. فهل هي نيران السياسة و الصراع على السلطة تُلقي بظلالها على عقول هؤلاء الأشخاص؟ أم أن الجواب أعمق من ذلك، كامنٌ في دهاليز الغضب الشخصي و تراكمات الآلام النفسية؟
تشير دراسة حديثة، أجراها فريق من خبراء السلوك بالاشتراك مع جهاز الخدمة السرية الأمريكية، إلى أن العامل الشخصي يلعب دوراً أكبر مما كان معتقداً به سابقاً. فقد تبيّن أن غالبية من خططوا أو حاولوا تنفيذ عمليات اغتيال كانوا مدفوعين بشعور عميق بالظلم أو الرغبة في الانتقام لأسباب شخصية بحتة.
فعلى سبيل المثال، لم يكن “لي هارفي أوزوالد”، قاتل الرئيس الأمريكي السابق جون كينيدي، منتمياً لأي جماعة سياسية معارضة، بل كان شخصاً منعزلاً يعاني من مشاكل نفسية و اجتماعية.
و لا يقتصر الأمر على الولايات المتحدة الأمريكية، فالتاريخ العربي يزخر بأمثلة مشابهة، حيث كانت الصراعات الشخصية و الثارات وراء الكثير من محاولات الاغتيال التي استهدفت الملوك و الرؤساء.
و لا يعني ذلك بالتأكيد أن للجانب السياسي دوراً هامشياً، فالكثير من عمليات الاغتيال كانت بدوافع سياسية واضحة. و لكن تكمن أهمية هذه الدراسة في تسليطها الضوء على البعد النفسي و الشخصي كمحرك أساسي في عقول بعض من يفكرون في ارتكاب مثل هذه الجرائم.
و يبقى السؤال مطروحاً: كيف يمكن التنبؤ بسلوك هؤلاء الأشخاص و منعهم من تحويل أفكارهم إلى أفعال إجرامية؟ إن الإجابة على هذا السؤال تتطلب جهوداً مشتركة من قبل علماء النفس و الاجتماع و الأجهزة الأمنية لفهم العوامل المؤدية إلى التطرف و العنف و العمل على معالجتها من مصدرها.