## كيف نميز الأصيل في زمن التّصنّع؟
هل الأصالة مجرد مظهر أم جوهر حقيقي؟
المصدر: جوستافو فرازاو/ديبوزيت فوتوز
لم تعد الأصالة حِكراً على المنتجات الفاخرة أو الأعمال الفنية النادرة، بل أصبحت صفة مرغوبة في الإنسان، تُضفي على شخصيته رونقاً خاصاً. ففي زمن تكثُر فيه الأقنعة، أصبحت العفوية والصدق ملاذاً للنفس ونبراساً يهتدي به الناس.
ولكن، كيف نميز الأصيل من المُتصنّع؟ كيف نفرّق بين من يعيش بصدقٍ وتوافقٍ مع ذاته، وبين من يُزيّف شخصيته ليُرضي الآخرين؟
هل الأصالة خيار أم ضرورة؟
قد يعتقد البعض أن الأصالة مجرد قناعٍ آخر نرتديه عند الحاجة، لكن الحقيقة أنها ليست خياراً بقدر ما هي حالة وجودية. ففي كلّ لحظةٍ نواجه فيها قراراً أو نتخذ موقفاً، نُجبر على التّصرف انطلاقاً من قناعاتنا ومبادئنا. فالأصالة، كما يُعرّفها علماء النفس، هي التّصرف بما يتوافق مع قيمنا ومعتقداتنا ودوافعنا الحقيقية. وبالتالي، فإنّ كلّ فعلٍ يصدر عنا هو انعكاسٌ لمن نكون وما نؤمن به.
لكن ماذا عن الكذب والنفاق؟
قد يعترض البعض بأنّ الواقع يزخر بأمثلةٍ عن الكذب والخداع، وأنّ الناس يلجؤون إلى إخفاء حقيقتهم لِمَصَالِحٍ شخصية. فهل يمكن اعتبار هؤلاء أصيلين؟
قد يبدو الأمر مُحيّراً، لكنّ الجواب هو نعم. فالشخص الذي يكذب أو يُخادع إنّما يتصرف وفقاً لِدَوافِعِهِ الحقيقية، وإن كانت تلك الدوافع أنانيّةً أو ضالّة. فقد يكذب الشخص لحماية نفسه من العقاب، أو للحصول على مَنفعةٍ مادية، أو حتى لإرضاء الآخرين. وفي جميع هذه الحالات، فإنّه يتصرف انطلاقاً من ذاته ورغباته، وإن كانت تلك الرغبات خاطئة.
ولنأخذ مثالاً آخر: عندما يُخفي الأقارب حقيقة مرضٍ خطيرٍ عن مريضٍ ما بدافع حمايته من الصدمة واليأس، فإنّهم في الحقيقة يتصرفون وفقاً لقيمهم ومعتقداتهم، والتي تُولي أهميةً كبيرةً لِحِفظِ مشاعر المريض ورعايته النفسية. فهم يعتقدون أنّ إخفاء الحقيقة في هذه الحالة هو أفضل للمريض، وأنّ إخباره قد يؤدّي إلى تدهور حالته النفسية والصحية.
الأصالة في عين النّاظر
إذا كان الجميع أصيلين بطريقتهم الخاصة، فلماذا نُطلق هذه الصفة على بعض الناس دون غيرهم؟
في الحقيقة، إنّ مفهوم الأصالة نسبيٌّ ويختلف من شخصٍ إلى آخر. فنحن