من يستحق المساعدة؟ كيف تؤثر الكفاءة الاجتماعية على قرارنا بمد يد العون
نواجه جميعًا في حياتنا اليومية مواقفًا تدفعنا للتساؤل: هل أساعد هذا الشخص؟ تُظهر لنا دراسة جديدة نُشرت في مجلة “علم النفس التطوري” أن قرارنا بمساعدة الآخرين لا يعتمد فقط على حاجتهم، بل يتأثر أيضًا بكفاءتهم الاجتماعية وقدرتهم على رد الجميل.
لماذا نساعد الآخرين أحيانًا على حساب مصلحتنا الشخصية؟ يبدو هذا السلوك الإيثاري متناقضًا مع نظريات التطور التي تركز على البقاء للأصلح. لكن مبدأ ”الإيثار المتبادل” يفسر هذه الظاهرة، فقد نتطور لمساعدة الآخرين إذا توقعنا منهم رد الجميل في المستقبل. وتُعد كفاءة الشخص واستعداده للتضحية من أهم المؤشرات على إمكانية رد الجميل، فإذا افتقر الشخص لهذه الصفات، فقد نتردد في مساعدته.
أجرى الباحثون تجربتين لدراسة تأثير الكفاءة الاجتماعية على قرارنا بمساعدة الآخرين. في التجربة الأولى، طُلب من 209 مشاركًا يابانيًا قراءة سيناريوهات لأشخاص فقدوا وظائفهم. وتنوعت هذه السيناريوهات في مدى كفاءة الشخص اجتماعيًا (مجتهد، متعاون مقابل كسول، غير موثوق) و قدرته على التحكم في الموقف (فقدان الوظيفة بسبب إفلاس الشركة مقابل التأخر عن العمل).
أظهرت النتائج أن المشاركين شعروا بتعاطف أكبر مع الأشخاص الأكثر كفاءة اجتماعيًا والذين فقدوا وظائفهم لأسباب خارجة عن إرادتهم. كما أعربوا عن استعداد أكبر لمساعدة هؤلاء الأشخاص، حتى عندما كانت تكلفة المساعدة مرتفعة.
أما في التجربة الثانية، فقد طُلب من 160 مشاركًا قراءة سيناريوهات لأشخاص أفلست أعمالهم. وتنوعت هذه السيناريوهات في مدى كفاءة الشخص اجتماعيًا و قدرته على التحكم في الموقف (إفلاس العمل بسبب سوء الإدارة مقابل إفلاس العمل بسبب جائحة كورونا).
و لقياس مدى استعداد المشاركين لمساعدة هؤلاء الأشخاص، طُلب منهم وضع علامة على مربعات تمثل مستويات مختلفة من المساعدة، مع وجود تكلفة رمزية (الوقت والجهد) مقابل كل مستوى.
وكما في التجربة الأولى، أظهرت النتائج أن المشاركين شعروا بتعاطف أكبر مع الأشخاص الأكثر كفاءة اجتماعيًا والذين أفلست أعمالهم لأسباب خارجة عن إرادتهم. كما أعربوا عن استعداد أكبر لمساعدة هؤلاء الأشخاص، حتى عندما كانت هناك تكلفة فعلية مقابل المساعدة.
تُسلط هذه الدراسة الضوء على أهمية الكفاءة الاجتماعية في تشكيل قراراتنا بمساعدة الآخرين. فعندما نرى أن الشخص يستحق المساعدة و أنه قادر على رد الجميل، نكون أكثر ميلًا لمد يد العون.