بطاقة قراءة لكتاب في علم النفس: مبادئ البسيكوسوماتيك وتصنيفاته

تعتبر علم النفس من العلوم الشائقة والمثيرة، حيث يهتم بدراسة العقل والسلوك البشري، ومن بين المجالات الفرعية المهمة في علم النفس هي “البسيكوسوماتيك”. يعتبر كتاب “مبادئ البسيكوسوماتيك وتصنيفاته” للمؤلف بيار مارتي مصدرًا قيمًا للمهتمين بهذا الجانب العلمي.

تتكون هذه الورقة من ثلاث فصول رئيسية تقدم نظرة شاملة ومفصلة عن مبادئ البسيكوسوماتيك وتصنيفاته المختلفة. يقدم الكتاب تعريفًا لمفهوم البسيكوسوماتيك ويشرح أسسه الأساسية والأفكار الأساسية التي يقوم عليها.

تضم الفصول الثلاثة أقسامًا فرعية تسلط الضوء على مجالات محددة ضمن البسيكوسوماتيك. يتناول الفصل الأول “تاريخ البسيكوسوماتيك” ويقدم نظرة تاريخية على تطور هذا العلم وماهية الدراسات الأولية التي أجريت فيه. يتناول الفصل الثاني “النماذج النظرية للبسيكوسوماتيك” ويستعرض المفاهيم والأطر النظرية المختلفة التي تستخدم في هذا المجال. أما الفصل الثالث “تطبيقات البسيكوسوماتيك” فيستعرض تطبيقات هذا العلم في الحياة اليومية والمجالات المختلفة مثل الصحة والعمل والتعليم.

يعد هذا الكتاب من تأليف بيار مارتي، وقد تمت ترجمته إلى اللغة

العربية بواسطة محمد أحمد نابلسي. صدر الكتاب لأول مرة في عام 1992 بواسطة دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع في عين مليلة، الجزائر. يحتوي الكتاب على 168 صفحة تحمل في طياتها المعلومات القيمة حول البسيكوسوماتيك وتصنيفاته المختلفة.

يعد كتاب “مبادئ البسيكوسوماتيك وتصنيفاته” من المصادر القيمة في مجال علم النفس، حيث يقدم للقارئ فهمًا شاملاً لمفهوم البسيكوسوماتيك وأهميته في فهم العقل والسلوك البشري. يوفر الكتاب نظرة شاملة على التطور التاريخي للبسيكوسوماتيك ويستعرض النماذج النظرية المختلفة وتطبيقاتها العملية. بالتأكيد، يعد هذا الكتاب إضافة قيمة لمكتبة كل مهتم بعلم النفس والبحث العلمي في هذا المجال.


معلومات عن الكاتب : بيار مارتي (MARTY, PIERRE (1918-1993

ولد بيار مارتي في 11 مارس 1918، في سان سيريه، فرنسا، وتوفي في باريس في 14 يونيو 1993، وهو طبيب نفسي، ومحلل نفسي، وعضو، والرئيس السابق لجمعية التحليل النفسي في باريس،. وكان يعتبر الممثل الرئيسي لمدرسة باريس للسيكوموماتيك، التي اجتذبت أعمالها جمهورا دوليا كبيرا بعد ظهور الفكر العملي عام 1962، الذي كتبه مع ميشيل دي موزان .

قضى مارتي حياته الطلابية بأكملها في الضاحية الشمالية لباريس، حيث كان والده مدرساً. خلال مرحلة الطفولة والمراهقة، تسبب له مرض المقربين منه بضائقة كبيرة. ويدعي أن هذا هو أصل اهتمامه بالأمراض النفس الجسدية. بعد المدرسة الثانوية بدأ دراسة الطب، ثم الطب النفسي، وخضع لتحليل شخصي في عام 1947 مع مارك شلمبرجير. تزوج سيمون فاين، شقيقة مايكل فين، وكان للزوجين ابنة واحدة، كاثرين. أصبح مارتي أرملًا في عام 1963 ولم يتزوج مرة أخرى.

فمارتي إذن طبيب، ثم طبيب عقلي، ثم محلل نفساني ذو توجه تطوري ، تابع أبحاثه 

ودراساته حول السيكوسوماتيكا حيث ترجع أولى كتاباته إلى سنة 1948 ، وهو منظر ومطبق في العديد من المصالح الإستشفائية بفرنسا، انتهى بوضع معهد السيكوسوماتيكا بباريس، وهو أيضا صاحب التصنيف التروغرافي السيكوسوماتي.

توفي مارتي في 1993 تاركا وراءه مجموعة كبيرة من الكتابات والمقالات نذكر منها

1963- L’investigation psychosomatique – sept observations cliniques.

1976- Les mouvements individuels de vie et de mort 1. Essai d’économie psychosomatique.

1981- Les mouvements individuels de vie et de mort 2, L’ordre psychosomatique.

1987- Des processus de somatisation, Inédit.

1990- La psychosomatique de l’adulte.

1991- Mentalisation et psychosomatique.

1992- Le corps et l’esprit ne font qu’un – Interview in psychologie.

معلومات عن المترجم : محمد أحمد النابلسي

محمد أحمد النابلسي من مواليد طرابلس – لبنان عام 1954. أستاذ في الطب النفسي. يجمع الدكتور النابلسي بين البحث والعمل العيادي والتدريس الجامعي وتدريب المتخصصين والتأليف العلمي. لذلك تتعدد مساهماته الاختصاصية وتتنوع متوزعة على مختلف هذه الميادين. 

من مؤلفاته :

سلسلة الأمراض السيكوسوماتية (8 أجزاء) / الرسالة – الإيمان – تواريخ اصدار مختلفة. 

فرويد والتحليل النفسي الذاتي / دار النهضة العربية – بيروت 1989. 

مباديء العلاج النفسي ومدارسه /دار النهضة العربية-بيروت ط1 1990. 

سيكوسوماتيك الهيستيريا (بالمشاركة) / دار النهضة العربية، 1990. 

التحليل النفسي – طريقة الاستعمال / الشركة العالمية للكتاب، 1996. 

التحليل النفسي/ماضيه ومستقبله (بالمشاركة). دار الفكر، بيروت- دمشق,2002. 

التحليل النفسي للرئيس الأميركي وودرو ولسون/ مترجم 

ملخص الكتاب:

البسيكوسوماتيك او الطب النفسي – الجسدي او النفسجسدي او النفسجسمي هو ميدان لا يزال شبه مجهول في المكتبة العربية بل وفي غالبية العيادات العربية. وذلك على الرغم من المساهمة العربية الفاعلة في هذا المجال فالبروفسور مصطفى زيور كان في اوائل الباحثين في هذا المجال وله فيه دراسات عميقة تعتبر بحق مراجع بالغة الاهمية. فقد درس زيور حالات القرحة الاثني عشرية وعلاقة الحساسية بالذهان وحالات المياه الزرقاء لدى الشباب كما قدم فصولا في البسيكوسوماتيك …. الخ. كما نذكر في هذا المجال البروفسو سامي علي ونظرياته التي طورت المفهوم الفرويدي للإسقاط … الخ. وهكذا جاءت ترجمة هذا الكتاب في سلسلة الأمراض النفسية – الجسدية، الصادرة عن الرسالة – الإيمان، ضرورية لملء هذه الثغرة في مكتبتنا العربية. ويتألف الكتاب من ثلاثة فصول هي:

الفصل الأول :

مدخل إلى البسيكوسوماتيك:

في هذا الفصل يعرض د. محمد احمد النابلسي لموضوع البسيكوسوماتيك مناقشة إشكالياته ومدارسه (بافلوف، كانون، سيلي، بريبرام…. الخ) ليركز على المدرسة التحليلية التي ساهم البروفسور زيور في إرساء دعائمها والتي يتزعمها البروفسور زيور في إرساء دعائمها والتي يتزعمها البروفسور P.Marty (موضوع مقابلة العدد السابق للمجلة). ثم ينتقل المؤلف إلى عرض أساليب الممارسات البسيكوسوماتية فيعرض للتنويم المغناطيسي وللمدارس الاسترخائية وللمدارس التجريبية وذلك قبل عرضه لنظريات كل من رايش (راجع المدارس النفسية الحديثة في العدد السابق) وساس وتربا ودينبار والكسندر وغيرها. بعد هذا العرض البانورامي الشامل لكافة التيارات البسيكوسوماتية يعود المؤلف إلى التركيز على مدرسة البسكوسوماتيك التحليلي المعروفة بمدرسة باريس او بمدرسة مارتي. فيعرض لهذه المدرسة ولأسسها النظرية فيقدم الشروح لمفاهيم الاعصبة البسيكوسوماتية من سلوكية وطبائعية على أنواعها ومن ثم يعرض للأعصبة التقليدية وللذهانات الطبائعية والسلوكية وعن التنظيم التحسسي. وينتهي هذا الفصل بعرض خطوات وأساليب المدرسة الباريسية في تصنيف الاضطرابات البسيكوسوماتية (البنية الاساسية – المميزات العظمى المهيمنة اعتيادياً – الخصائص الحادية العظمى والخصائص الناجمة عن العلاج النفسي) وعن الأحلام البسيكوسوماتية.

الفصل الثاني :

جدول التصنيف النفسي – الجسدي

يخص التصنيف السيكوسوماتي المارتي الأشخاص الراشدين، وقد توصل إلى ذلك من خلال علامات السير الحيوي للأفراد والسير العقلي بواسطة الأعراض، التناذرات والأمراض الجسدية، … وفي نفس الوقت مقارنتها بالتصنيف مما أدى على التعديل المستمر في الشبكة منذ ،1983 1987  1989 .

وهذا الفصل هو ترجمة لدليل المدرسة الباريسية للتصنيف « Classification Marty/IPSO ».

حيث أن التصنيف الذي تقترحه هذه المدرسة مبني على ثلاث دعامات أساسية هي :

البنية الأساسية : والتي تعتبر كجزء أساسي غير متغير في سن الرشد لتنظيمه السيكوسوماتي، وهي عبارة عن مذكرة تحتوي على 10 مواضيع، توجد من بينها مختلف الأنظمة العصابية والذهانية وكذا المستويات العقلنة.

المميزات العظمى الاعتياية: والتي تجمع المعطيات الأعراضية، ومعطيات تتعلق بالسير العقلي، ونمط الحياة الإعتيادي، ومعطيات تاريخ الأمراض القديمة، وذلك من أجل تسهيل الفرز الإحصائي.

تتضمن هذه المذكرة 3 جداول   للخصوصيات الإعتيادية الكبرى وهي: 

-1 جدول أعراضي: يحتوي على 27 موضوع تظهر فيها نوعية الأقلاق، والخطوط العصابية الخاصة بالطبع وبالسلوك وبالإكتئاب الكامن مثلا.

-2 جدول تفسيري للفاحص: يتضمن 13 موضوعا: أين تقدر فيها المشاكل الجنسية النكوصية، الصدمية، التعابير، التساموية…

-3جدول خاص بتاريخ المرض يحتوي على 20 موضوعا أين يعتبر الحداد، نوعية الإكتئابات، حركة إختلال التنظيم السابقة…

الخصائص العظمى الحالية : والتي تجمع المعطيات الأعراضية الحالية والمعطيات التاريخية المرضية الحديثة، وكذا المعطيات التي تتعلق بالسير العقلي، ونمط الحياة الحالي: تتضمن 19 موضوعا تأخذ بعين الإعتبار: الحدادت الحديثة، النوعية الحالية للإكتئاب وكذا نوعية الحركة الغالبة النكوصية وحركة إختلال التنظيم،…

– إن مقابلة الخصوصيات الحالية الكبرى بالخصوصيات الإعتيادية الكبرى تنبه إلى التغيرات الحالية للفرد بالنسبة لإعتيادية وهي تغيرات في غالب الأمر تكون في علاقة زمنية على الأقل مع قدوم إصابة  جسدية.

الخصائص المترتبة على العلاج النفسي :

وتجمع 3 جداول من المعطيات هي:

-1 تلك المتعلقة بزوال الخصوصيات الحالية الكبرى.

-2 تلك المتعلقة بتحولات(Transformations) الخصوصيات الاعتيادية الكبرى خاصة التي تعيق التوازن السيكوسوماتي للفرد، أو المتعلقة بالعودة للخصوصيات الاعتبارية الكبرى الخاصة بالشخص، والتي تعتبر مساعدة للتوازن السيكوسوماتي، وفي الأخير تسجل كل ملاحظة تخص ”الخصائص الحالية” أو الخصوصيات الإعتيادية والتي أنجزت في وقتها.

-3 تلك المتعلقة بإكتساب أنماط جديدة للسير السيكوسوماتي في المجالات العقلية، في المعايير التساموية أو في التنظيم الإجتماعي.

* إن التصنيف السيكوسوماتي يظهر في الأخير ذو فائدة كبيرة حيث:

– التحديد الدقيق للوضعية التي يكون فيها المريض، وسهولة توجيهه نحو العلاج النفسي.

– السماح بالتقديم الدقيق للفوائد المكتسبة عند المريض.

– يسمح للأخصائي السيكوسوماتي بالتقييم الذاتي لعمله العلاجي، وقياس نجاحات مفاهيمه وتقييمها خاصة فيما يتعلق بالجانب التصنيفي.(Sémiologie)

– وقد سمحت المعالجة بالإعلام الآلي لمعطيات المرضى بالمقارنة بين دينامياتهم العقلية والجسدية، بالتحسين المستمر في شبكة التصنيف السيكوسوماتية.

بعد أن إستعرضنا شبكة التصنيف السيكوسوماتي المارتي نحاول الآن أن نستعرض أهم البيانات العقلية

المصنفة ضمن هذه الشبكة.

الفصل الثالث :

التصنيف النفسي الجسدي ( دراسة ميدانية )

قام بهذه الدراسة البروفسوران P.Marty وJ.B Stora وهدفا من خلالها إلى اختبار مدى فعالية جداول التصنيف النفسي – الجسدي ومدى قدرتها على تدعيم التشخيص وعلى إستبصار مستقبل المرضى. وتناولت هذه الدراسة 323 مريضا وتوصلت إلى النتائج التالية:

1 – ان 62.8% من المرضى يحتاجون إلى متابعة نفسية غير محدودة.

2 – ان 4.81% من المرضى مصابون بآفات عضوية.

3 – ان 39.3% من المرضى مصابين بالعصاب الطبائعي.

4- ان 64.3% من مرضى كرون يعانون عصابا طبائعيا غير مؤد التعقيل.

5- ان 16.7% من المصابات بسرطان الثدي يعانين عصابا طبائعيا سيئ التعقيل.

6- ان 54.6% من مرضى السكري يعانون من سوء التعقيل.

ويخلص الباحثان إلى القول بعملية وفعالية جداول التصنيف النفسي – الجسدي ويوجهان الدعوة لاعتماد هزه الجداول مما من شانه أن يكون بنوك معلومات ومعطيات برمجة معلوماتيا. الأمر الذي من شانة أن يسهل الدراسات والأبحاث في ميدان البسيكوسوماتيك .

خلاصة 

تطرح الأشكال الجسدية مسألة تصنيفها ضمن التنظيمات الحدية أو إنتمائها إلى الإضطرابات السيكوسوماتية، لأن الأعراض الجسدية لها مكانتها في التوظيف النفسي لدى فئة الأشخاص المصابين بهذا النوع من الإضطرابات.

تتأكد صعوبة إدراج هذه الإشكال ضمن التنظيمات الحدية خاصة إذا علمنا إصرار أصحاب المدرسة السيكوسوماتية الحديثة في باريس وعلى رأسهم “ب. مارتي” على إستقلال الحقل السيكوسوماتي في تناوله لطرق التنظيم النفسي إذ يقترحون تصنيفا مرضيا جديدا يضم كل التوظيفات النفسية الممكنة، ولا يقتصر فقط على الأشخاص الذين يستشيرون الطب العقلي أو التحليل النفسي، وهم مجموعة الأفراد الذين يستقبلون في الهياكل الصحية “العادية” من أجل إختلالات جسدية عابرة أو مزمنة.

تعتبر العصابات ذات التوظيف غير المنتظم الحقل المفضل للمدرسة السيكوسوماتية، وقد طرحت في ظلها فرضية إختلال التنظيم العقلي، حيث يصاب سياق التعقيل بنقائص هامة تفسح المجال لإستقرار سياق التجسيد، وفيه تسود عدم الكفا ءة على ترميز الصدمات والصراعات، والفقر العاطفي والهوامي، والتفكير العملي (Pensée opératoire)  وغيرها من خصائص الشخصية الجسدية. 

خاتمة

إن نظرية “مارتي” دينامية، نشيطة لا تنظر للمريض نظرة جامدة تقتصر على فترة ظهور المرض، بلا تتابع الإنسان في مختلف مراحل تطوره، أثناء مرضه، وأثناء صحته، أثناء توازنه النفس ي- جسدي وأثناء إختلال هذا التوازن حيث أن الإنسان يعيش حياته في معادلة توازن بين غريزتي الحياة والموت، فهيمنة غريزة الموت تؤدي إلى إختلال التوازن وظروفه في دراسة السير العقلي لفهم سياق التجسيد، وفي هذا الإطار يرى بيار مارتي أن الإختلال الجسدي يظهر عندما يضعف التنظيم العقلي. 

اقرأ أيضا :

تقرير تربص جاهز في علم النفس من هنا

Exit mobile version