## عندما يكون التحدي هو سر النجاح: كيف يُعزز الجهد الإدراكي ذاكرتنا؟
في مشهدٍ مُلهم من فيلم “عصبة خاصة بهم”، تُجسد جينا ديفيس دور دوتي هينسون وهي تُرددّ عبارة “لقد أصبح الأمر صعبًا للغاية”. فيردّ عليها مدير البيسبول جيمي دوجان، الذي جسّد دوره توم هانكس، قائلاً: “من المفترض أن تكون صعبة. إذا لم تكن صعبة، لكان الجميع قد مارسوها. الصعوبة هي ما يجعلها عظيمة”.
في لعبة البيسبول، كما هو الحال في جميع مناحي الحياة، يرتبط “الجهد الحقيقي” بالتحدي الجسدي والذهني. ولكن ما مدى فهمنا لطبيعة الجهد الذهني وتأثيره على تجاربنا وذاكرتنا؟
هل يدوم الأثر طويلاً مع بذل جهد أكبر؟
في جامعة نيويورك وجامعة نيويورك أبوظبي، أجرى كل من سارة ماستر وشانشان لي وكلايتون كيرتس دراسة تهدف إلى فهم تأثير الجهد الذهني على قوة تمثيلات الذاكرة العاملة. انطلقت هذه الدراسة من فرضية أن “فهم الآليات العصبية لقدراتنا المعرفية يعتمد على فهم تفاعلها مع عوامل مثل الجهد الذهني”. وبعبارة أخرى، صمم الباحثون تجربة لتقييم فكرة أن “بعض المهام تتطلب جهدًا أكبر من غيرها وأن النجاح يعتمد على مدى تركيزنا وجهدنا”.
نشرت الدراسة في مجلة علوم الأعصاب، حيث طُلب من المشاركون أداء مهام بصرية تتضمن حفظ موقع معين ثم تحديده في ظروف سهلة (أدت إلى أوقات استجابة سريعة) أو ظروف صعبة (أدت إلى أوقات استجابة أبطأ وتغيرات في اتساع حدقة العين). تم إعلام المشاركين بمدى صعوبة المهمة القادمة. أثناء التحليل، استخدم الباحثون “التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لاختبار كيفية تأثير التغيرات في الجهد الذهني، الناتجة عن تغيرات صعوبة المهمة، على التمثيلات العصبية للذاكرة العاملة”.
الجهد المُكثف يُرسّخ الذكريات
بينما زاد نشاط القشرة الجبهية الأمامية في المهام الصعبة، كانت تأثيرات صعوبة المهمة واضحة بشكل خاص في “أنماط النشاط في القشرة البصرية… حيث كانت الدقة أعلى في المهام الصعبة”. تشير هذه النتائج إلى أن “إشارات التغذية الراجعة المرتبطة بالجهد تُنحت نشاط الخلايا العصبية في القشرة البصرية، مما يُحسّن من دقة الذاكرة”. يشير هذا البحث إلى أن “الجهد الذهني – أو بذل المزيد من الجهد - يُحسّن من جودة تمثيلات الذاكرة العاملة في القشرة البصرية من خلال التغذية الراجعة من القشرة الجبهية الأمامية”. هذا يعني أنه يمكن توجيه موارد الذاكرة العاملة بشكل استراتيجي أثناء المهام الحركية البصرية. هذا مثير للاهتمام في حد ذاته، ولكن كما يشير الباحثون، هناك تطبيقات سريرية محتملة مهمة ”للاضطرابات النفسية، مثل الفصام، حيث قد تظهر العجز التحفيزي على شكل خلل إدراكي”.
ثمار الجهد تظهر لاحقًا
بالنسبة لي، تتوافق هذه الملاحظات بشكل كبير مع مفهوم المرونة في جميع الأنظمة الفسيولوجية. فنحن نعمل يوميًا ضمن نطاق معين من الجهد في أنشطتنا. ومع مرور الوقت، نتكيف مع هذه الأنشطة، وتصبح تدريجيًا “سهلة” إلى حد ما. فقط عندما نتجاوز منطقة راحتنا وننتقل إلى “الصعب” تبدأ أجسادنا وعقولنا في التكيف مع نطاق العمل الجديد. وهذا يعيدني إلى كتابي الأول، ”تصبح باتمان”، حيث ظهر هذا كمفهوم رئيسي. إذا كان النشاط هو تدريب القوة، فإن عضلاتنا تصبح أكبر وأقوى، وإذا كان تدريبًا ذهنيًا، فإننا نعزز الاتصال العصبي وتمثيل الذاكرة. وللحصول على المزيد، نحتاج إلى بذل المزيد من الجهد، وهذا يعني أن المزيد من الجهد ضروري. يُظهر لنا علم الأعصاب حقًا أن هناك متعة في الجهد وأن العمل الجاد يجعله ذاكرة قوية.
(ج) إي. بول زهر (2024)